TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: سوريا.. حلّ أمني أم عسكري؟

في الحدث: سوريا.. حلّ أمني أم عسكري؟

نشر في: 30 يوليو, 2012: 08:52 م

 حازم مبيضينمع انتقال المعارك العسكرية بين الجيشين النظامي والحر إلى حلب, بعد " انتصار " النظامي في معركة دمشق, ومنعه الثوار من السيطرة على العاصمة, وبعد أن شهدنا فصولاً رهيبة من العنف الحربي, وهي تضرب حمص وحماة وادلب ودرعا, يبرز السؤال عن الحل المرتجى عند السلطات السورية, للأزمة التي تزداد استفحالاً في بر الشام,
 وهل يمكن أن يتم ذلك بحلول عسكرية, مهما بلغت أكلافها, أم أنه كان أكثر جدوى لو سلكت تلك السلطات دروب الحل الأمني, وهنا يجب أن يكون واضحا الفرق بين الأمني والعسكري.الأول يتضمن على غير معنى المصطلح المتداول إعلامياً, حواراً معمقاً في مفاصل السلطة عن الأسباب الدافعة " للثورة ", والعمل على دفن تلك الأسباب بكل الوسائل السلمية, ويلي ذلك انتقال الحوار إلى مدى أوسع, حيث ينضم إليه معارضو النظام, بحثاً عن حلول للمشاكل القائمة, وبما يحقق مصالح الأطراف كافة, لكن مثل الحل يستوجب توفر إرادة إصلاحية عند السلطة, تؤمن بحق الشعب في قول كلمته, والمشاركة في الحكم, وتؤمن أن ليس الحاكم وحده هو من يمتلك الحقيقة.والثاني وهو العسكري, يتوسل القوة المفرطة في قمع المعارضين, وهو قد ينجح إلى حين, لكن المؤكد هوفشله في المحصلة النهائية, مع ما يرافقه وينجم عنه من تصدعات في بنية المجتمع,  وما يتبعه من ولادة جديدة لثقافة الثأر والانتقام, وليس سراً أن اللجوء إلى مثل هذا الحل, سيكون وبالاً على طرفي الصراع من جهة, وعلى المصلحة الوطنية من الجهة الأخرى, ويبدو غريباً لجوء أي سلطة مهما تبنت الفكر الدكتاتوري إلى الحلول العسكرية التي ليس لها نهاية إلا بسقوطها, طالما توفرت الإرادة الشعبية للتغيير.ماذا يعني ذلك على صعيد الأزمة السورية المستفحلة, والتي باتت تستدعي أطرافاً خارجية للخروج منها, مع توقع آثار كارثية على الإقليم بمجمله, فيما لو حدث مثل ذلك التدخل, سواء لصالح النظام أو ضده, ليس هناك غير معنى واحد هو أن مفاصل في النظام السوري, نأت عن الحل الأمني " السياسي ", ولجأت إلى البندقية القامعة, دون أن تعي عقم ذلك وأثره السلبي على النظام, الذي بات يحتاج فعلياً إلى قفزة تحديثية, تنقله من ظلمات فكرة حكم الحزب الواحد والقائد الملهم, إلى فضاء الديمقراطية, التي تعطي للشعب حقوقه, بدل الاكتفاء بمنح الحاكمين امتيازات لايستحقونها, وبذلك وجدت سوريا شعباً ونظاماً نفسها وهي تخوض حرباً لن يخرج أحد منها منتصراً حتى لو ألحق بالخصم هزائم مدوية.  منح القرار الرسمي السوري باللجوء إلى الحل العسكري الفرصة لولادة جيش مناوئ, وهو اليوم يمتلك ما يحتاجه من المقاتلين والسلاح، كما يمتلك القدرة على تنفيذ عمليات عسكرية صعبة، وإمكانات لوجستية توفرت له بعد فقدان جيش السلطة السيطرة على مناطق عدة من البلاد, وبات صعباً على النظام اليوم استئصاله بدون أنهار من الداء لن تجف بعد توقف المعركة الطاحنة الدائرة اليوم, ولعل ذلك القرار يكون مدخلاً للسؤال عن لماذا وصلت الأمور في سوريا إلى هذا الحدّ المخيف من القتل والجنون؟ تبرير النظام لقراره بوجود مؤامرة كونية ضد سوريا الممانعة والمقاومة, يبدو تساذجاً, لايعادله غير الإعلان عن امتلاك سوريا أسلحة كيماوية, ولو جاء ذلك في إطار نفي استخدام تلك الأسلحة ضد المعارضين,  والواضح أن لجوء النظام إلى الحل العسكري القمعي المدمر, بدل الحل الأمني بمعنى استيعاب الآخر والتعامل معه بندية, كان الخطأ الأكبر الذي يتحول بتسارع واضح إلى خطأ قاتل, والمؤبم أن سوريا الوطن والشعب هم من يدفع الثمن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram