TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: رومني يستجدي الصوت اليهوديّ

في الحدث: رومني يستجدي الصوت اليهوديّ

نشر في: 31 يوليو, 2012: 07:03 م

 حازم مبيضينأثارت التصريحات المغرقة في الجهل, التي أطلقها ميت رومني, المترشح الجمهوري للرئاسة الأميركية, حول القدس, ردود فعل تتناسب مع حجم الوقاحة والخفة التي رافقتها, وهي تتسول أصوات اليهود الأميركيين المؤيدين للدولة العبرية, ومن أبرزها ردود الفعل الصهيونية, التي استقبلتها باستعلاء ينم عن فهم دوافعها,
وعن إدراك لوقائع التاريخ, القائلة إنه ليس مؤكداً أن ما يعد به المترشح للرئاسة في الولايات المتحدة, سيتحول إلى سياسة رسمية عند دخوله البيت الأبيض, وعن وعي أيضاً بأن رومني, كما بدا في القدس, شديد الجهل بالسياسات الخارجية المتعلقة بصراع الشرق الأوسط, حيث عجز أكثر من عشرة رؤساء أميركيين سابقين, عن إيجاد كوة تنفذ منها الجهود الفلسطينية والدولية إلى حل سلمي, يضمن للفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة, على جزء من أرض فلسطين التاريخية.المؤكد أن رومني لم يطلع على تاريخ من سبقه من الرؤساء الأميركيين, الذين بذلوا وعوداً ضخمة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل, إبان حملاتهم الانتخابية, لكنهم بعد أن احتلوا المكتب البيضاوي, اكتشفوا أن علاقاتهم بدول المنطقة الفاعلة, ومصالحهم الحيوية فيها, تحول دون تنفيذ تلك الوعود, التي انطلقت استجداءً للصوت اليهودي, وبعد أن اكتشفو أن للقدس مكانتها المهمة كرمز ديني مقدس عند المسلمين, وأنه ليس سهلاً على أي إدارة أميركية, سواء كانت جمهورية أوديمقراطية, أن تواجه مسلمي العالم بسببها، هذا إن تغاضينا عن مواقف العديد من المراجع المسيحية, الرافضة للاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي للمدينة المقدسة, وإن لم نتطرق إلى القانون الدولي, الذي يحرم على دولة الاحتلال القيام بأي تغييرات, تمس الأوضاع القانونية للمناطق التي تحتلها.وجه آخر من وجوه الجهل التي أسفر عنها رومني, وهو يزور دولة الاحتلال, تبدى باعتباره أن سبب نجاح الاقتصاد الإسرائيلي, مقارنة بالفلسطيني, يعود أولاً إلى الرعاية الإلهية, التي ينحاز الله فيها إلى اليهود, ومن ثم على قدرتهم على الإبداع في مواجهة التحديات, وإذا تجاوزنا الجانب العنصري الوقح في هذه الرؤية القاصرة, فإن جهله بالواقع يبدو شديد الوضوح, وأنه لا يستوعب أن السلطة الفلسطينية, الواقعة تحت الاحتلال, كما ينبغي التذكير, تعيش على الهبات وتبرعات الدول المانحة، وأن حقوقها المثبتة بالضرائب والرسوم الجمركية, على البضائع الداخلة إلى المناطق التي تديرها, ما تزال خاضعة لمزاج الحكومة الاحتلال, التي تتحكم بها من حيث الجباية أولاً, ومن حيث تحويلها إلى أصحابها الشرعيين بالدرجة الثانية, هذا إن تجاوزنا الظروف الاستثنائية وغير الطبيعية, التي تعيشها الأرض الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي، وهو بالتأكيد السبب الرئيس في كل مآسي الفلسطينيين, سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو إنسانية.لا نفاضل بالطبع بين مواقف الحزبين الجمهوري والديمقراطي, تجاه القضية الفلسطينية, فزعماؤهما يرضعون من الثدي الصهيوني, وكلهم مستعدون لتلبية الأوهام الصهيونية, استجداءً لصوت الناخب اليهودي الأميركي, غير أن وقاحة وجهل المترشح الجمهوري, أخذت مدىً أكثر اتساعاً, وهي تدفع إلى القلق من بلوغه عتبة البيت الأبيض, ولو أن ذلك غير متوقع, وهي تصريحات تستدعي من الحكومات العربية التنبيه على قيادات حزبه, ومراكز الدراسات الإستراتيجية التابعة له, بأن مصالح الأميركيين في منطقة الشرق الأوسط, لا ترتبط فقط بالدولة العبرية, وأن نسائم الربيع العربي التي مرت على المنطقة, قد غيرت الصورة, حين منحت الشعوب حقوقاً تؤهلها لرفع راية رفض سياسات حكامها, إن لم تتطابق مع تطلعاتها الوطنية والقومية, التي تقع القضية الفلسطينية في أعلى قائمة اهتماماتها وهمومها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram