TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :هنيئاً للمالكي

سلاما ياعراق :هنيئاً للمالكي

نشر في: 31 يوليو, 2012: 08:51 م

 هاشم العقابي من المثير للفرح، أن تجد رجل دين تحرر من عقد الطائفية وتكفير الغير، وصار إنسانا حرا. في الحقيقة، ليس رجل الدين وحده، إنما يفرحني أيّ إنسان يتحرر عقليا. وان كثرت الأقوال في تعريف معنى الإنسان الحر فأني شخصيا أميل لأبسطها الذي يقول "وحده الإنسان الواعي حر". وهل هناك ما يثير في النفس فرحا أكثر ممّا يثيره انتصار الوعي على الجهل.
كنت وحتى اللحظة من ضمن الكثيرين من أبناء هذه الأمة الذين لم تدم فرحتهم بالربيع العربي. نغّصها علينا دعاة الإسلام السياسي الذين تسللوا إلى ساحات التحرير فحولوها زرائب لتفريخ الكراهية وتفقيس بيوض الطائفية. ضاع الفرح وضاعت الابتسامات التي غطت قلوبنا قبل شفاهنا بسقوط الطغاة. تبدلت الأغاني والرقصات الى صراعات وفتاوٍ تكفيرية تلعن هذه الطائفة او الفئة وتنادي بحرق ومحو الأخرى. ولولا هؤلاء لما كان للسعودية وقطر، وما شاكلهما من دول، ان يتصرفا وكأنهما مثال للحكم الديمقراطي الذي نحلم به، وليصبح الملك او الأمير فيهما بطل التحرير وليس البو عزيزي. كذلك ما كان لبشار الاسد أن يمعن بتقطيع أوصال سوريا وشعبها بهذه البشاعة، ولا لملك البحرين ان يحرم الأغلبية في بلاده من حقوقها السياسية بتلك الصلافة، لولا الطائفية التي مسخت عقول شعوب وأمم وحكام فقتلت فيهم كل خلية خير لها علاقة بالضمير.في هذه الأجواء المحزنة والمسممة برائحة الموت والخراب الروحي والعقلي، الذي يتحمل وزره الأكبر، ان لم اقل كله، رجال دين خرجوا عن اختصاصهم الروحي فسخروا كل أوقاتهم لشل عقول الناس. صار يصعب علينا ان نجد فيهم من يفكر بعقل مختلف. ولكم أن تتخيلوا فرحة من يجد مثل هذه "الطينة" النادرة بزمن الوحل.كدت لا اصدق عيني وأنا اقرأ مقالا للشيخ السعودي السلفي الدكتور حسن فرحان المالكي بعنوان "هنيئا للشيعة" نشره على موقعه الخاص. أفرحني لأني وجدته بطاقة حب. فرحتي لا لأني شيعي، كما قد يفكر البعض. إنها فرحة أي إنسان أحزنته رائحة الكره التي أصدأت العقول قبل الصدور. هي فرحتي ذاتها حين اقرأ لكاتب مسيحي يرى الله محبة فيحب الإنسان مهما كان دينه. وهي نفسها حين اقرأ فتوى لآية من آيات الله يحرم فيها قتل الآخر مهما كان دينه او مذهبه. إنها فرحة من يحب الحياة والنور ويكره الموت والظلام.قرأت المالكي الجليل يقول: "إن صبر الشيعة على كل اضطهاد وقتل وتشريد وتسفيه وتبديع وتكفير طوال هذه القرون مدهش ومثير للإعجاب! أي قلوب يحملون؟".شعور الإنسان بألم أخيه الإنسان منحني لذة فرح كنت أشعرها يوم اسمع صوت فيروز يتسلل من بيت جارتنا المسيحية وهي تغني "سألوني الناس عنك يا حبيبي". إنها نشوة قريبة من تلك التي كانت تلفني حينما كنت أنام على السطح باحثا عن نجمتي الخاصة. وبعد أن أتعب من البحث وسرحان الخيال أفيق على صوت ام كلثوم من راديو جارنا "ابو سعدي" الذي يرقد في حضنه كل ليلة بدلا من "ام سعدي": "كل الناس حلوين .. في عنيه حلوين".هنيئا لك أيها الإنسان الحر الذي حررت عقلك من قيود الإسلام السياسي وماكنة الطائفية فأفرحتنا بك. غدا ألقاك أيها الشيخ المحب ففي قلبي شيء كما الشقشقة التي تلح علي أن أبوح بها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram