TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : الجرح الذي مسّه الشيخ

سلاما ياعراق : الجرح الذي مسّه الشيخ

نشر في: 1 أغسطس, 2012: 10:02 م

 هاشم العقابيلم يكن سهلا على الشيخ حسن فرحان المالكي أن يغرد خارج السرب بمقالته التي مررت عليها بعمود الأمس، فجاءته سهام تجار الظلام وشتائمهم من كل صوب لأنه نزع الكراهية من صدره. وأنّى للكاره أن يرضى عن المحب؟ فلو كان يرضى لما صلب المسيح.
تابعت ردود أفعال تجار الطائفية من الطرفين، فلم أجد بهم غير مهاجم من تجار الطائفية السنة وصامت من تجارها الشيعة. وأنا الذي لا أتنكر لعلمانيتي أرى في الهجوم اللامنطقي واللا إنساني على الشيعة من قبل شيوخ دين وسياسة وكتاب اغلبهم من الخليجيين، هجوما عنصريا امقته مثلما كنت امقت حكومة التعصب العنصري في دولة جنوب إفريقيا. واكرهه مثلما اكره أي طائفي شيعي يناصب السنة العداء لا لسبب غير أنهم من مذهب غير مذهبه.لا أظن أن شعبا يعاني  القتل والاضطهاد والبؤس بسبب الطائفية، ففي هذه الأيام، مثل الشعب العراق. ولا اعتقد أن بلدا يتعرض للخراب والدمار بفعل الطائفية مثل العراق. وان يقول البعض أن لبنان دفّعتها الطائفية أكثر من العراق فأقول له نعم، لكن مسلسل "التدفيع" هناك قد توقف منذ زمن بعيد، لكنه مازال مستمرا بالعراق. ففي كل يوم، إن لم اقل كل ساعة، تتجدد حلقاته. لهذا تجدني، كعراقي، أفرح للذي يطهر نفسه من سموم الطائفية من أي طرف كان، حتى وان كان تحرره منها لا يعود بالنفع إلا على نفسه فقط. وهل هناك ما هو أنفع للقلب من أن يستبدل الكراهية بالحب؟ إن انتعاش سوق الطائفية الحديثة سببه الأول إقحام الدين في السياسة. أنها سوق تعج بتجار يجيدون تسويق بضاعتهم المغشوشة ودسها بعلب دمار شامل للعقول والنفوس. علب مغلفة بأوراق ملونة وبطريقة متقنة يصعب على بسطاء السنة والشيعة ، وأحيانا حتى على غير البسطاء، فهم ما  بين "السطور" الناعمة التي كتبت عليها. بسبب هؤلاء حرمنا من نعمة الديمقراطية والحرية بعد سقوط صدام. أنهم هم السبب الرئيس في تسلط الجهلة والمفسدين على رقاب البلاد والعباد. لقد صار الشيعي بسببهم عندما يذهب لينتخب لا يهمه إن كان المرشح لصا أو عربنجيا أو مزورا أو جاهلا بأبسط أصول الحكم. صارت تهمه فقط مسألة الولاء للمذهب. وكذلك صار السني ينتخب ابن مذهبه ولا يفكر إن كان قاتلا أو أميا أو ذا تاريخ اسود.لا ألوم الناخب ولا أعفيه من المسؤولية أيضا، لكني اصب اللوم أولا على الطائفيين والمتعصبين من كل الأطراف. داخل العراق وخارجه. فلولا هؤلاء لما صار الشيعي، عندما يحكم، لا يفكر بتوفير الخدمات وسبل العيش الكريم للناس بقدر ما يفكر بإشغال أبناء مذهبه بممارسة الطقوس والشعائر حتى لو كانوا يعيشون في بيوت من تنك وتنخر آمالهم البطالة ويلهبهم الحر من دون كهرباء أو ماء. المهم انه جاء ليبقى و "يلغف"! وبالمقابل استثمر السياسي السني خوف السنة من الشيعة، الذي زرعه بأنفسهم دعاة الطائفية وشيوخها وساستها، ليظهر نفسه مدافعا عن أهل المذهب بينما نجد لعابه يسيل أمام "عظْمة" المنصب ويفقد توازنه أمام بريق كرسي السلطة. ولا أدري هل ألوم الشيخ المالكي، هذه المرة، أم أشكره لأنه مسّ جرحا غائرا في نفسي فشقشقت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram