نجاح الجبيلي رحل عن عمر 91 عاماً المخرج الفرنسي كريس ماركر الذي يعد الأستاذ المبهم في السينما الفرنسية ذات الاتجاه اليساري. وهو معروف بفيلمه الوثائقي الحائز على الجائزة "بلا شمسSans Soleil " وفيلمه الدرامي الرائع " الرصيف البحري La Jetée " وهو يصف رحلة بحث عن الذاكرة في أعقاب كارثة نووية.
ولد باسم كرستيان فرانسوا بوش فيلينوف وناضل مع المقاومة الفرنسية ثم مارس الصحافة وأصبح ناقداً في المجلة المعروفة "دفاتر السينما" (كاييه دو سينما) صنع أول فيلم له بعنوان "أولمبيا 52" وهو فيلم وثائقي عن الألعاب الأولمبية في هلسنكي عام 1952 واستمر كونه شخصية رئيسة في حركة "سينما ضفة اليسار" جنباً إلى جنب مع أصدقائه "أنيس فاردا"، و" ألان رينيه". وأثار الجدل في فيلمه الوثائقي "نعم كوبا" وفيه أطرى فيدل كاسترو وشجب أميركا وسرعان ما حظر الفيلم أميركا. أما أفلامه الأخرى فتشمل "أ.ك AK" وهو فيلم وثائقي عن المخرج الياباني أكيرا كوروساوا صنعه عام 1985، وفيلم "تكشيرة دون قطة" ويصور صراع الاشتراكيين في الفترة التي سبقت انتفاضة الطلبة في باريس عام 1968. وعرف على نطاق واسع بفيلمه الناجح " بلا شمس" عام 1983 وهو تأمل موجز في الرحيل والذاكرة التي تبدأ من اليابان إلى أفريقيا بتذوق فيلم الإثارة "فرتيغو" -1958 لهيتشكوك. إن فيلم هيتشكوك كما يقول المخرج كان الفيلم الوحيد "القادر على تصوير الذاكرة المستحيلة والذاكرة المجنونة".لكن يبقى فيلم "الرصيف البحري" المصنوع عام 1962 هو من أفضل أفلام ماركر تأثيراً وهو دراما من 29 دقيقة يتعقب محاولة رجل في استعادة صورة من ماضيه. إن مزج ماركر الشعري والغني للكارثة الكونية مع الضعف الإنساني استمرّ ليكون مصدر إلهام للفيلم الدرامي المصنوع عام 1987 بعنوان " النظارات الحمراء" وفيلم تيري غيليام الناجح عام 1995 " أثنا عشر قرداً Twelve Monkeys".إن الطبيعة اللولبية الباعثة على القلق لأعمال ماركر تنعكس في الرجل نفسه. فقد رفض المقابلات وكره الصور الفوتوغرافية وادعى أنه ولد في "منغوليا" على الرغم من المصادر المتناقضة التي توحي بأنه كان من مواليد باريس. يقول الناقد السينمائي ديفيد ثومبسون:" كل ذلك شجع على فكرة كون ماركر شخصية غامضة إن لم تكن مثالية أو أمل وحلم أكثر منه شخصية حقيقية" ويضيف:" لقد كان شبحاً جوهرياً".
رحيل المخرج الفرنسي كريس ماركر
نشر في: 1 أغسطس, 2012: 10:08 م