طالب فــرج المتتبع والمشاهد لأفلام رعاة البقر (الكابوي)، يلاحظ هذه النوعية من الأفلام إن لها بريقا ولمعانا خاصين، نكون مأخوذين بهالتها ونزعتها القصصية لتكون ميزة واختلاف عن بقية الأفلام.. حيث تضعك في أجواء مختلفة وتسحبك إلى عوالم الماضي، وتجعلك بمقارنة مع الحاضر، أو حتى المستقبل،
ونلاحظ أن أفضل ممثلي العالم (هنري فوندا، لانكستر، انطوني كوين، جون واين، جوليا نجيما، كيرك دوغلاس..الخ) كانت لهم مشاركات مؤثرة بهذه النوعية من الأفلام، وكانت لهم خصوصية طبعت عليهم، فهي تضفي ذلك السحر والتأثير والحماسة على المشاهد، وتنقلنا إلى عوالم أخرى من الحياة الغربية.. وتضعنا في فضاء أوسع وأرحب، بعيدا عن أجواء المدينة وضوضائها..وقد كان لفيلم الويسترن الشهير "الطيب والقبيح والشرير" ذلك الأثر اللامع، في نتاجات هوليوود السينمائية عام 1966، وكان عرضه عام 1967.. وهو من إخراج strqioleone تدور احداثه بين ثلاثة عناوين"الطيب والقبيح والشرير"مختلفة المسدسات ومتشابهة بالبارود والدخان ضمن المفهوم الواحد.. تدور رحى أحداثه تحت ناصية الطمع والجشع والاستيلاء وإعطاء الشعور بالبقاء للأقوى وفرض عنصر القوة أنى حلت ورحلت، وتقوم قوة (الكان) محل كثير من القيم والمبادئ الإنسانية في الغرب الأميركي.. الذي شدنا أكثر إليه هي الموسيقى التي قد رافقت أكثر أحداثه، فالفيلم شهد ثلاث شخصيات بثت جوانبها في إرجائه، فأعطت كل شخصية عنوانها..Eastwood الممثل والمخرج الشهير بدور "الطيب" باسم Blond والذي عانى هذا الأخير ما عانى من أحداث ومشاق ومصاعب، وذلك عندما اجبر على قطع الصحراء مشياً على الأقدام يصاحبه العطش وذلك تحت تهديد السلاح، من قبل شخصية "القبيح والغبي" والذي دائما يوقع بـ"الطيب"، وقد تلبس دور هذه الشخصية الممثل Eli Wallach باسم Tuco وهذا "الأحمق" الذي كان طوال الفيلم يطلق على شخصية "الطيب" باسم الأشقر ذي البشرة الناعمة.. وفي مشهد ابتزازي عندما كان يعذبه ليتشفى به أكثر.. إلى أن مرت بهما قافلة تحمل أشخاصا مقتولين، فقام هذا بسرقتها، وكان شخص فيها بالرمق الأخير يطلب بعض الماء من الأحمق.. مقابل معرفة مكان كنز مقداره 200 ألف دولار، وعندما ذهب هذا الأحمق لجلب الماء، قد سبقه إليه الطيب ليطلع على السر وحده.. فكانت هذه القافلة هي مرسال القدر لإنقاذه من القبيح.. وهكذا تدور أحداث الفيلم لتشدنا إليه أكثر فموسيقاه قد جلبت مشاعر الصحراء، وخاطت عناوين لها من الحياة القاسية.. وان هذا المكان وحده يناديهم بالانتماء إليه حتى يعكس توحشه، وعندما وقع هذا الأحمق ضحية الأسر في احد المعسكرات إبان الحرب الأهلية الأميركية التي كان يديرها "الشرير" كمتنفذ فطلب منه اسم الكنز، فقال: إن الذي يمتلكه هو الرجل الطيب.. أما دور "الشرير" فكان يقوم بأدائه الممثل Lee Van Cleef باسم Sentenze اوAnqle Eves .. ولو رجعنا إلى موسيقى الفيلم نلاحظ أنها تبعث صيحاتها منادية للتعرف على خطوات الحدث، ولغة التعامل بالمسدسات وإطلاق البارود، فكانت مرة ترقب لنا الأحداث، وتارة تأخذنا إلى عمقها، وطوراً تعطينا تنبؤات عما يجري بها..كأن الفيلم يقول: إن (روح القتال في الزجاجة) وهذا ما جاء على لسان احد قادة الحرب الأهلية الأميركية آنذاك، يبين هنا أن روح المغامرة تتطلب السعي والتحرك والمجازفة والاتكال على النفس.. أما أن تكون أو لا تكون، فكانت الموسيقى الأخيرة قد استقرت عناوينها على المقابر والجثث والبحث عن الكنز بينهما.. أنغام موسيقية تمتلك حرارة المكان لتطوف بها مع رائحة الدخان وسفك الدماء مسجلة حوادث وشواهد بعيون برغماتية، تفّخر تربتها للحدث حتى تتكيف بطابعها وهالة انفعالاتها لتمثال الحدث.. فكانت بحق هي الراسم والمصور والمنبأ.. معطية صورة مقربة إلى النفس، قبل العين، فهي تطعم الأحداث المنبثقة صورها من هذا المشهد إلى مشهد آخر، حتى يأتي فتسبقه الموسيقى لتغطيه بفزعتها.. ويأتي مشهد آخر ملتهماً بموسيقاه، فيكبر في صورته وصوته حتى يعطي تشويقا اكبر، بأبعاد نفسية تسرح بنا من هيوليتها حتى نكون جزءا من هذا الفيلم، ومتتبعين لصوت أقدام جياد رعاة البقر، حتى نشم رائحة دخان الأحداث ونتلمس التبكير المسبق قبل المواجهة بين الأطراف.. اعتقد أن الفيلم أعطانا نوعا من التركيز والإلهام، ومن ثم موسيقاه أعطتنا ذلك الحدس والتخمين الذي رافقنا طوال الفيلم، ووجهنا الى أشكال جديدة من قوانين السيطرة والبحث المضني والمجهد ذي الاستقتال في سبيل البحث عن المال بأي طريقة كانت، فبالرغم على مرور إنتاج هذا الفيلم لأكثر من (46) عاما..
الطيب والقبيح والشريرسيـــرة شخصــية علـــى إيقاع الموسيقى
نشر في: 1 أغسطس, 2012: 10:10 م