اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ( 4 x حوار ) مهارة اللون وجدلية الأداء

( 4 x حوار ) مهارة اللون وجدلية الأداء

نشر في: 3 أغسطس, 2012: 09:01 م

زهير الجبوريفي تجربة فنية / تشكيلية مشتركة ، قدم (4) تشكيليين معرضاً في قاعة حوار للفنون في العاصمة بغداد .. المعرض جاء بعنوان (4 x حوار )، كان بحق في غاية من الدقة والتركيز في اختيار كل فنان موضوعته المشتغل عليها ، فوجدنا لمسات ( أسامة حسن .. حيدر صدام .. زياد جسام .. مراد إبراهيم )
واضحة بوصفها تحمل سمات محدثة في إنشائية اللوحات ، غير أن الوظيفة الأدائية وتقانات كل فنان أعطت دلالات واضحة في التشخيص ومعرفة قراءة وتحديد الأعمال المطروحة ، ولأني لمست المهارات الأدائية في أعمال المجموعة هذه ، فقد قرأت تجربة كل فنان وفق منظور نقدي خاص ، وهذا ما فتح لي متعة الغور السريع في أعمال المعرض ..من البديهي أن نجد في أعمال الفنان (أسامة حسن) تزاحم علامات الحس التعبيري المنفتح على تجريدية الشكل، فقد عكست لوحاته جدلية الوجوه الآدمية المجردة والمتداخلة بفعل الانسياق (الايروتيكي)، مع المهارة اللّونية والضربات الجريئة في استخدام الألوان، إنها مهارة الأداء، فقد أفاض الكثير في جعل لوحاته تحمل سمة التضاد اللّوني وكيفية بناء شكل قابل لكل التقاربات الثيمية، مع شعورنا بأنه تأثر بشيخه الكبير إسماعيل فتاح الترك ، الاّ أن ميزة أسامة حسن ، أنه خلق فعلاً حركياً ( من حيث الإنشاء ) في كل لوحة ، ليقدم بصمته الخاصة..أما الفنان ( حيدر صدام ) ، فقد اشتغل على لغة التجريد المفعم بالحركة الشعورية ( المدغدغة ) بأحاسيس ايروسية ، إنها حركة وجود وانفعال مبطن ، تحمل في طياتها قصدية واضحة لثنائية الرجل والمرأة ، لكن إنشائية اللوحات كانت هي المهيمنة على موضوعته ، في حين نلمس المهارة العالية في استخدامه الألوان ( الحارة .. الباردة .. القانية .. الهارمونية )، الأمر الذي ساهم في إبراز ثيمات لوحاته على قدر كبير من التلقي ..فتحت لنا لوحات حيد صدام تساؤلاً مشروعاً ، إلى أي مدى يمكن أن يصل الفنان بأسلوبه التجريدي هذا..؟ وهل استطاع أن يغور بألوانه وأسلوبه الى تأسيس نمط أسلوبي خاص به ..؟ حيث نمسك في كل منطقة من مناطق لوحاته تأثيرات ثيمية متضادة مع بعضها ، وهي ميزة نادرة عند التشكيليين المعاصرين ( الشباب) ، مع محاولة إقناعنا بان المساحة المرسومة على جسدي الرجل والمرأة تحمل لعبة جمالية بارزة، لكني أراها تحمل سمة المفارقة البصرية، إذ جاءت مفتوحة التأويل، فهل هي غطاء .. أم بناء لوني أريد له التمايز ..الفنان (زياد جسام) أكثر المجموعة هذه وضوحاً، حيث النسق التجريدي الحديث واضح في أعماله، مع التراتب الانسيابي المتوازن في الأشكال المرسومة والمهارة اللونية البائنة في إطار كل لوحة، أنا على قناعة أن لا حدود للوحات زياد جسام، فهي تقع ضمن الإطار المفتوح، بمعنى أنها ذات مكون دلالي هائم لثيمة اللون والموضوع معاً، مكون متداخل، إذ نشعر بأن بنية اللون طاغية على اللوحة ، ثم ندرك أن لهذا اللون وظيفة أدائية في خلق موضوعة تجريدية تحمل صبغة (ايروتيكية)، وبهذه المهارة يضعنا الفنان في أكثر من زاوية لقراءة أعماله، منها ما يثير جدلية البناء اللوني وكيفية استخدام ألوان ذات علاقة (كونتراستية) مع بعضها، حيث الألوان الحارة والقانية تقف بجوار الألوان الباردة والمضيئة، لتعكس القدرة المتوازنة لخلق أشكال إيقاعية صائبة.. ومنها ما يثير الاستخلاص اللوني الفائق وكيفية خلق مسحة كيميائية استظهرت خلالها ثيمات دقيقة في إيجاد وحدة الموضوع المعمول عليه ..أما أعمال الفنان ( مراد إبراهيم ) فقد كشفت عن مهارة متوالدة في اختياره القصدي للأشكال المألوفة في الحراك اليومي ( الباص .. الشكل الآدمي .. المضلة علامات الشوارع ) ، لكنها وقعت في إشكالية بنائية في إعطاء شكل آخر لفضاء اللوحة، وهو الشكل التجريدي الصريح ، مع تزاحم الألوان وإقحامها في تشاكلات هائمة، فما بين دلالة الموضوع المرسوم في عمق كل لوحة ، تظهر تهويمات لونية في مناطق أخرى، فمرة اشعر بأنه قريب من اعمال إبراهيم العبدلي ، ومرة ألمس انعطافة الكبيرة في خلق عوالم يومية مجردة بلمسات خاصة به ..ثمّة خفايا يبحث عنها الفنان في حسه اليومي ، فمع جرأة اللّون وصراحة ضرباته ، نلمس أنه اشتغل على هواجس قريبة لشعرية اليومي ، تلك التي تكشف عن جمالية اختياره كل المفردات / الثيمات في أعماله ، ربما لأنه ابن بيئة مفتوحة ، أو انه صاحب رؤية ذهنية خاصة في اشتغاله على هكذا موضوعة ..ككل، أعطت تجربة ( 4 x حوار ) انعطافة حقيقية مفادها أن الفن التشكيلي العراقي لا يزال حاضرا بكل أوجهه الحداثية ، وبكل تقاناته واداءاته الجمالية، ولعل اقتراب (4) فنانين عراقيين من بعضهم في مشروع واحد من حيث (العرض) برهان كبير على حضور اللوحة التشكيلية بشكلها المعاصر، وان هناك جيلاً (مع اختلاف تجاربهم) يتصل بحلقات من سبقهم، مما أعطى دليلا واضحا على أن اللوحة العراقية يمكن أن تسافر إلى أي مكان في العالم، لأن جماليات التشكيل مهما كانت فهي جهد فردي، فلو كانت غير ذلك لكان من الصعوبة أن تشكل مشروعا فنيا في البلد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram