حازم مبيضينفي بدايات التمرد الشعبي ضد حكمه، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد، أن إسقاط نظامه بوسائل عنفية، سيقود إلى نتائج مريعة تصيب المنطقة بأكملها، وهو استدرج معارضيه لعسكرة الصراع، وبغض النظر عن أخلاقية الوسائل التي لجأ إليها، فإن المعارضة انزلقت إلى المواجهة المسلحة،
رغم التباين الهائل في ميزان القوى بين الجانبين، والأسد حين " هدد " بإشعال المنطقة، كان يقرأ من كتاب مفتوح، يبين له طبيعة المنطقة والصراعات فيها وعليها، بينما كان معارضوه، بحكم ابتعادهم عن مواقع السلطة، يجهلون حتى كيف يمكن لهم فتح ذلك الكتاب، مكتفين بنتائج الحراك الشعبي في مصر وتونس واليمن، ومنتشين بنجاح الثوار المسلح الذي أطاح العقيد القذافي.بعد ما يقرب من سنتين من المواجهات السلمية والمسلحة، بين النظام ومعارضيه، تتبدى الآثار الإقليمية التي كان الأسد تحدث عنها، بتوتر على الحدود السورية التركية والأردنية واللبنانية والعراقية، مع ما يرافق ذلك من انقسام شعوب هذه الدول، بين مؤيد ومعارض للتدخل في الشأن السوري، ومن بعيد يتجهز النظام الإيراني للانتقال بمستوى دعمه للنظام السوري إلى التدخل العسكري المباشر، فيما ذراعه المذهبي في لبنان، يلعب أدواراً قد تخل بالتوازن الهش في بلد الأرز، الذي لم يتعافَ بعد من الحرب الأهلية المديدة التي ضربته، في حين تأخذ "روسيا بوتين" و"بكين الشيوعية المطورة" جانب الدفاع عن النظام السوري في المحافل الدولية، على أمل الخروج من الأزمة السورية الطاحنة إلى نظام دولي جديد، يحد من أحادية التفرد الأميركي، ويعطي الدولتين أدواراً أكبر في النظام العالمي المأمول.اليوم ينتقل الصراع في سوريا إلى خارج حدودها، وتفتقد بلاد الشام نظاماً ومعارضه، القدرة على اتخاذ قرار يحدد مستقبل البلاد، فروسيا تواصل مناهضة أي مشروع قرار أممي ضد الأسد، وتقف في صفها الصين طبعاً لتشكلا جداراً مانعاً، لن يجدي القفز من مجلس الأمن إلى الجمعية العمومية في تجاوزه، وواشنطن تسرب متأخرةً خبراً عن قرار لأوباما بتقديم الدعم الاستخباري للمعارضة، بينما معارضو الأسد المشرذمون يتسابقون على البروز في الفضائيات، وعقد المزيد من المؤتمرات غير المنتجة، ووصلوا مؤخراً إلى التقاتل على جلد الدب قبل اصطياده، وهم يتنافسون اليوم بشكل معيب، على من يكون أول رئيس للحكومة الانتقالية، وبما يثير مخاوف جدية وعميقة على مستقبل سوريا إن هم حكموها.كنتيجة لما يجري على الأرض، أعلن المبعوث الأممي العربي كوفي عنان، استقالته من مهمته الخاصة بسوريا، بحجة إنه لم يتلق الدعم المطلوب، مع وجود خلافات بين أطراف المجتمع الدولي تعقدها، وأعلن أن زيادة عسكرة الوضع في سوريا، جعل مستحيلاً عليه، وعلى أي شخص آخر، أن يدفع الحكومة السورية أولاً، والمعارضة بعدها، إلى اتخاذ الخطوات الضرورية لبدء العملية السياسية، لكنه وهو يغادر مهمته أكد إمكانية إنقاذ سوريا من أسوأ كارثة، إذا أظهر المجتمع الدولي القيادة والشجاعة اللازمتين للتوصل إلى حلول وسط، من أجل مصلحة الشعب السوري، ولم ينس التأكيد أن على الرئيس الأسد الرحيل عاجلاً أو آجلاً، وإذا كانت الأمم المتحدة تفتش عن خلف لعنان، فإن المؤكد أن مصائر سوريا وأزمتها، قد خرجت من نطاق جهود المنظمة الدولية، وانتقلت إلى مرحلة جديدة ما زالت مغلفة بالغموض.لا نبتعد عن الحقيقة، إن نحن نظرنا بجدية إلى التهديدات المتزايدة، بتوجيه ضربة عسكرية غربية أو إسرائيلية إلى إيران ومنشآتها النووية،، بهدف إشغال حكامها، وأيضاً إن توقعنا حرباً إقليمية بدأت نذرها عند المثلث العراقي التركي الإيراني، أو تصاعد وتيرة الاشتباكات بين الجيشين السوري والأردني، خصوصاً بعد زيارة وزير الدفاع الأميركي لعمان، واجتماعه المغلق مع العاهل الأردني لبحث الأوضاع في سوريا، أو على الأقل إنشاء مناطق آمنة بمساعد تركيا، بعد سيطرة معارضي الأسد على المناطق الحدودية، وبما يمنح الحرب الجنونية في بلاد الشام فرصاً جديدة، لإراقة المزيد من دماء السوريين، ليستمر حكم الأسد، أو تأتي المعارضة التي لا نعرف بعد أبعاد هويتها، أو مقدرتها على الحكم، وهي متنافرة وليست على قلب رجل واحد، حتى وإن كان الهدف إسقاط الأسد.
في الحدث: حين قال الأسد
نشر في: 3 أغسطس, 2012: 09:38 م