عدنان حسينفي الموقف التقييمي تجاه الهجمات الإرهابية الأخيرة التي ركزت على أماكن الاعتقال والسجن، أشعر أنني أقرب إلى رأي الوزير السابق القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي باقر جبر الزبيدي منه إلى رأي الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي، وأستطيع ان أزعم أن كل الذين من حولي في العمل والبيت وحلقة الأصدقاء يشاطرونني هذا الرأي.
السيد الأسدي الذي يوصف بأنه الوزير الفعلي للداخلية الآن اعتبر أن الهجوم على مبنى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة (يفترض انه المبنى الأهم بين مباني الداخلية) الكائن في قلب العاصمة "فاشل"! كيف؟ لم يتضمن البيان الصادر عن الوكيل أي معطيات تدعم رأيه.أما السيد الزبيدي فقد وصف الهجوم بأنه "مخيف جدا" ونقطة تحول في عمل الإرهابيين. وفيما أعرب عن أسفه لعدم دراسة مجلس النواب والحكومة الموضوع، استغرب من محاولات إخفاء المعلومات عن الشعب ليأخذ حذره "ويحاسب المقصر". بين "الفاشل" و"المخيف جداً" بون شاسع للغاية، وهو أمر مستغرب فقضية مثل هذه لا ينبغي ان تكون محل اختلاف بهذه الدرجة إلا إذا كان وكيل الداخلية يرغب بالتهوين مما حدث أو أن الوزير السابق يبالغ لسبب ما، وشخصياً استبعد الاحتمال الأخير. وبصرف النظر عن هذا الاختلاف، فان إعلان السيد الأسدي ببدء تحقيق في القضية يطمئن إلى أن وزارة الداخلية ستكون مبالية هذه المرة. وهو تطمين عززته المعلومات المنشورة أمس والتي أفادت بقيام قوة خاصة يوم الجمعة باعتقال مسؤولين في دائرة مكافحة الإرهاب.ما كان للهجوم، فاشلاً بدا لنا أم مخيفاً جداً، أن يحدث (سقط فيه 30 ضحية بين قتيل ومصاب، فضلاً عن الأضرار المادية الجسيمة) لو لم يكن هناك تقصير. وهذا التقصير لا بد أن يبدأ من داخل دائرة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة نفسها. ولكن أين ينتهي؟هذا سؤال مهم. فعلى فرض أن مسؤولين في دائرة مكافحة الإرهاب مقصرون في عملهم، أليس من المنطق أن تمتد المسؤولية إلى مَن اختار المقصرين، فرداً أم جماعة، ووضعهم في هذه المواقع الحساسة؟ السؤال الأهم: كيف يجري في الأساس اختيار القيادات الأمنية في بلد لا أمن ولا أمان فيه منذ سنين؟نحن لا نعرف كيف تختار وزارة الداخلية ووزارة الدفاع ووزارة الأمن الوطني ورئاسة الحكومة القيادات الأمنية؟ ما هي الشروط؟ ما هي المواصفات؟ ما هي المتطلبات؟ ومجلس النواب المفترض انه أعلى سلطة في البلد هو الآخر "مثل الأطرش في الزفة"، لا يعرف مثلنا تماماً.القيادات الأمنية ليست قيادات لإسالة المياه أو مصلحة نقل الركاب أو علاوي الفواكه والخضراوات، مع كامل التقدير والاحترام للعاملين في هذه المجالات.. إن مصائر الناس وحيواتهم ومستقبلهم في أيدي القيادات الأمنية، وإذا لم يجر اختيار هؤلاء على أسس الاحتراف والكفاءة والنزاهة والوطنية، وإذا لم نعرف ونتوثق من هذا فلا مصائر ولا حياة ولا مستقبل لنا جميعاً.. والتقصير الأعظم في هذا يبدأ وينتهي عند من يختار هذه القيادات في غفلة منا ومن البرلمان.
شناشيل: التقصير الأعظم أمنياً
نشر في: 4 أغسطس, 2012: 09:58 م