دينا سعد محمود لا أقول إنه بريء، ولا أقول إنه مدان، لكنني أسأل أين ذهب ملف ليث الدليمي الذي أحبط مسلسل الاعترافات التلفزيونية التي تعرضها علينا الأجهزة الأمنية منذ سنوات دون جدوى في تحقيق الأمن للعراقيين ولا في تحقيق العدالة، لقد أحبط ليث ذلك المسلسل الطويل ولم يذهب ليث إلى النسيان وحيدا بل أخذ معه أيضا السيد عادل دحام الذي كان يشغل منصب قائد شرطة بغداد والناطق باسم الداخلية أي انه المسؤول عن إخراج حلقات الاعترافات التلفزيونية،
ودحام كان قائدا لشرطة البصرة عندما هرّب قادة إرهابيين من سجن القصور الرئاسية ،لذلك أقاله مجلس محافظة البصرة ،فما كان من القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي إلا أن عينه قائدا لشرطة بغداد نكاية بمجلس البصرة خاصة بعد الشائعات عن تورط أعضاء بحزب المالكي في تهريب زعماء القاعدة المعتقلين.اختفى ملف عضو مجلس محافظة بغداد المتهم بالإرهاب ليث الدليمي مثل ملفات عراقية كثيرة تشكلت لها لجان من أجل الحسم لكنها تتحول إلى لجان للتلف والنسيان ،ولكثرة مصائب العراقيين وتجدد جراحاتهم يوميا لانتذكر غالبا مصيبة يوم أمس لأننا منشغلون دائما بمصيبة اليوم وضحاياها، ربما سيخرج علينا مكتب القائد العام أو عمليات بغداد في يوم قريب أو بعيد بحكاية ليث الدليمي للتغطية على حكاية مؤلمة أو مصيبة جديدة.نتذكر ليث الدليمي، في رمضان شهر العبادة والمسلسلات، وأيضا شهر الهجمات الإرهابية وآخرها محاولة تهريب معتقلين من سجن مكافحة الإرهاب التي ضربت قلب بغداد وهي في سياق المعتقلين المنسيين حتى تتذكرهم جماعاتهم، نتذكر ليث الدليمي لأنه كشف لنا أن العراق لا ينقصه فقط وزير للداخلية بل ينقصه أيضا وزارة داخلية لا تنكسر قيود معتقليها ربما لأن القيود جزء من مقاولة فاسدة، ونتذكر معه عادل دحام لأننا اعتدنا ظهوره في تلك الحلقات التي يعلن المعتقلون فيها كل مكنونات قلوبهم في جلسات بوح هادئة وجميلة يصارح فيها الإرهابي الشعب العراقي بما ارتكبه من جرائم منكس الرأس خجلا.وانكشفت في الحلقة شبه الأخيرة من مسلسل الاعترافات الهشاشة الأمنية ،فهذا المعتقل الغاضب كسر قيده بسهولة وصار يتحرك في المكان دون المسارعة لايقافه ،بينما كان بإمكانه لو أراد الاستيلاء على سلاح أي رجل أمن أو إيذاء الحاضرين وصرنا نعرف عبر تلك الحلقة الفضائحية كيف يتمرد المعتقلون وكيف يهربون وكيف تنتهي لجان التحقيق وكيف يضيع الاثر لأي قضية في العراق.تلك الحلقة الفضائحية لم تنبه أحدا من الزعماء إلى ضرورة إعادة تأهيل المؤسسات الأمنية كما أنها لم تغير قناعات الساسة وفي مقدمتهم رئيس الوزراء نوري المالكي بضرورة الإسراع بتعيين وزير للداخلية بل مازال المقربون من المالكي يدافعون بشغف عن إدارة المالكي للملف الأمني رغم أن الإرهابيين قتلوا وجرحوا في يوم واحد ثلاثمئة عراقي وهدموا بيوتهم على رؤوس بعضهم خلال الأسبوع الماضي وأظن أن الشغل الشاغل اليوم لكبار المسؤولين عن الملف الأمني هو البحث عن مسلسل جديد يكون بديلا عن مسلسل الاعترافات أو إيجاد مناسبة لإطلاق جزء جديد من المسلسل ،وعلى الأرجح أن هناك بحثا محموما عن نجم يحل بديلا لدحام وقاسم عطا في إدارة الجزء الجديد من المسلسل الذي نقترح إضافة وصلات غنائية وراقصة وشعرية (شعبي طبعا) حتى لا يمله احد وللاستفادة أيضا من خبرات فضائية الحكومة في إنتاج الساذجة التي طالعتنا بها في رمضان، وكل هذه المقترحات حتى لا يعتب علينا أحد من المسؤولين لاحقا بالقول (إن استباب الأمن يحتاج إلى تعاون المواطن مع الأجهزة) ،فهل هناك تعاون أكبر من تقديم مقترحات للتملص من الفشل؟!
أين ليث الدليمي؟
نشر في: 5 أغسطس, 2012: 06:24 م