هاشم العقابي أظن، وإن حُسبَ ظني هذا إثماَ، فليشهد الثقلان إني "آثم"، بأنني لو سألت أيّ إنسان سويّ عن أيهما أثمن: الأرض أم الإنسان؟ لأجابني: الإنسان. ولن يقول الأرض إلا من كان فاشيا فاسد الفكر والروح. ومن هذا المنطلق اجزم ولا أظن، أن لا سيادة لوطن لا قيمة فيه لدم الإنسان. حسبي في ما ذهبت إليه أن الله، وهو الله تعالى، جعل دم الإنسان أكرم من الكعبة التي هي بيته الذي فرض على الناس حجه كل عام.
لا ألوم من دان زيارة وزير خارجية تركيا كركوك دون علم الحكومة العراقية، ففيها خروج واضح على المتعارف عليه في برتوكولات تبادل الزيارات الدولية. لكني أستنكر ارتفاع تلك الأصوات التي صارت تتباكى على هدر سيادة الوطن بينما تصمت على هدر دم الناس. من لا تهتز غيرته على دم العراقي المهدور فهو كاذب بدعوى وطنيته حتى لو ملأ الدنيا نواحا وعويلا.كنت قد آثرت السكوت وعدم الكتابة حول هؤلاء المتباكين على سيادة العراق وكأنها كاملة مكملة لولا زيارة اوغلو كركوك، معللا نفسي بالمثل القائل: "السكتة أولى والحچي اي كوّي العين". لكن دعوة النجيفي لاستضافة وزير الخارجية حول زيارة المسؤول التركي جعلت سكوتي صعبا. أشعرتني دعوته بأنه يضحك على عقولنا ويداري نزوات الضاحكين على هذا الشعب المغلوب على أمره.ألم يقرأ السيد النجيفي أن عدد القتلى العراقيين المسجلين، عدا الذين أخفيت أسماؤهم تحت "العباية"، في شهر تموز فقط، قد بلغ 436 قتيلا! وان الأيام الأربعة الأولى من شهر آب الجاري قتل فيها 51 عراقيا والحبل على الجرار؟وهنا أسأله: من هو الأولى بالاستجواب وليس الاستضافة: وزير الخارجية أم وزير الداخلية والقائد العام للقوات المسلحة والقابض على الملف الأمني وحده بقدميه ويديه وأسنانه؟ عن أي سيادة تتساءلون والبلد تهدر فيه بشهر واحد براميل من دماء العراقيين والمسؤولين فيه عيونهم تحوم صوب براميل النفط؟ ما الحكمة في استدعاء وزير الخارجية وقد أصدرت وزارته بيانا صريحا دانت فيه الزيارة واستنكرتها بشدة، وبالمقابل يظل وزير الداخلية بالوكالة يسرح ويمرح وعشرات العراقيين يقتلون يوميا بفضل وزارته؟ وللأمانة، لم يرغمني على الكلام حضرة النجيفي فقط، بل وحضرة علي الشلاه، أيضا، الذي مازال يصرح على طريقة "شلّه واعبر". أول ما قاله هو أن اوغلو جاء "متخفيا" وكأنه لا يعلم بأننا شاهدنا الرجل يتجول ويخطب ويبتسم على الأثير! نعلم أن التضليل سمة عند اغلب سياسيينا مثلما نعرف أن المتخفي هو الذي يدخل ويخرج "ولا من شاف ولا من دري". لا اعلق بل احسد جرأة الرجل على التضليل. ولأنه مثل غيره لا يضحك على عقول الناس البسطاء حسب، بل ولا يحترم مشاعرهم أيضا، قال الشلاه مهددا تركيا بان "هناك خيارات كثيرة للعراق من ضمنها الجانب الاقتصادي لأن الشركات التركية هي من الدرجة الثالثة وبوسعنا أن نستعين بشركات أفضل". صح النوم يا نائب القانون. انك تعترف إذن بأنكم لا تتعاملون مع شركات أجنبية من الدرجة الأولى ولا الثانية بل من الثالثة، أي الرديئة. ليش؟ أليست هذه فضيحة ما كنا سنعرفها لولا زيارة اوغلو في وضح النهار لكركوك؟ إن من يتباكى حد الصراخ على سيادة الدولة المنتهكة ولا تهتز شعرة في ضميره لرقاب العراقيين التي تنحرها سكاكين الإرهاب يوميا وبالعشرات، يظل كما الديك الذي قدميه يالـ "كذا" ويعوعي.
سلاما ياعراق : على أي سيادة يتباكون؟
نشر في: 5 أغسطس, 2012: 08:39 م