عدنان حسينوصلتني أمس رسالة الكترونية من صديق يحيل فيها إليّ، مع آخرين، معلومات تلقّاها بدوره من صديق له تفيد بكيفية التخلص من رائحة الفم، وهي مُرسلة كما جاء في مقدمتها لمناسبة شهر رمضان حيث تزداد الشكوى -كما تقول المقدمة- من تغيّر رائحة الفم نتيجة الامتناع عن تناول الطعام والشراب.
معلومات رسالة الصديق تنصح بتناول كوب من الشاي الأخضر في السحور "فهو يحتوي على مواد مضادة للبكتريا المسببة للرائحة الكريهة"، و"وضع أعواد القرفة (الدارسين) في الشاي"، وتناول البقدونس والنعناع، والابتعاد عن الأطعمة المالحة جداً والنفاذة والمخللات والبهارات ذات الروائح النفاذة، وما إلى ذلك.لا أدري لماذا كانت المعلومات موجهة إلى النساء دون الرجال، بحسب النص الذي يخاطب الأنثى وليس الذكر. ولا أدري أيضاً لماذا بعث بها الصديق إليّ وأنا غير صائم ولا أعاني أو يعاني أحد من رائحة فمي، فلست من المدخنين، وأواظب على تنظيف أسناني وفمي مرتين في اليوم في الأقل، صباحاً ومساء، وأكثر من شرب الماء والشاي، وفوق هذا أمضغ اللبان (العلك) مرتين أو ثلاثاً في اليوم لمدة نصف ساعة في الأقل، وهذا حاصل منذ زمن بتوصية من طبيبة فرنسية من أصل عراقي (عائلتها اليهودية هُجّرت قسراً من البلاد قبل ستين سنة) راجعتها منذ نحو عشر سنوات في لندن شاكياً من جفاف في الحلق وشدّ في الأوتار الصوتية فنصحتني بأن أعلك باستمرار. كنت أتمنى لو أن رسالة المعلومات تلك قد حملت إليّ ما يفيدني حقاً من قبيل كيفية التخلص من رائحة فم من نوع آخر تسبب لي ولغيري ضيقاً شديداً، هي تلك التي تنقلها إلينا الفضائيات والإذاعات والصحف من أفواه نواب ووزراء وما شاكلهم من مسؤولين مصابين بالإسهال الكلامي المزمن. وأعني النواب الذين يتشاتمون في ما بينهم بكل يُسر ويُطلقون الاتهامات ضد بعضهم البعض وضد غيرهم، مستندين إلى حصانتهم البرلمانية التي من المفترض ألاّ تحصنهم من المساءلة عما يخرج منهم من بذاءات تُسيء إلى الذوق العام وتتجاوز على قواعد اللياقة في السلوك العام والسياسي. وأعني هنا بالذات المتمسكين بالخطاب الطائفي المثير للقرف والغثيان والذي أقحموه إقحاماً وسمموا حياتنا الاجتماعية به، وتسببوا من جرائه في حرب طائفية لم تخمد نارها بعد ولم يتوارَ دخانها عن الأنظار. وأعني أيضا وزراء وسواهم من كبار المسؤولين الحكوميين الذين بدلاً من أن ينصرفوا إلى أعمالهم لا يكفّون عن استعراض عضلاتهم الجوفاء بانجازات وهمية ووعود كاذبة من دون أي شعور بالمسؤولية تجاه الناس وأحوالهم.لمثل هذه الأفواه نحتاج إلى علاج يخلصنا من روائحها الكريهة. كيف؟ هل من طريقة.
شناشيل: أفواه .. وروائح
نشر في: 5 أغسطس, 2012: 10:20 م