بغداد/ ا. ف. ب يتنقل لؤي صباح بدشداشته التقليدية البيضاء في شوارع سامراء شمال بغداد وهو يصيح "سحور سحور" وفي يده طبلة صغيرة محاولا تأدية دور المسحر المهدد بالنسيان في العراق بسبب الاوضاع الامنية واستطاع لؤي الذي ورث شغفه هذا عن والده التنقل بعد منتصف الليل بحرية في شوارع سامراء
اثر قرار السلطات اعفاء ليالي رمضان من حظر التجول المفروض عادة على المدينة بين الواحدة بعد منتصف الليل والرابعة فجرا.ويقول صباح لوكالة فرانس برس ان "المسحر اختفى تماما بعد سقوط النظام السابق ولا يوجد الا البعض منهم الان، وهم يأتون بشكل متقطع وليس يوميا.وفي مجتمع يعتز بتقاليد شهر الصوم، يفتقد الكثير من العراقيين لاصوات المسحرين الذين كانت صرخات حناجرهم ودوي طبولهم تضج في سماء كل مدن العراق اثناء السحور، ولم تعد تسمع الا بين الحين والآخر وفي مناطق محددة. ويروي ابو جاسم (82 عاما) وهو يتكئ على يد كرسي مهترىء عند بائع للخضار في الكرادة وسط بغداد "ايام زمان كان لكل زقاق مسحراتي يضرب الطبل عند السحور، حتى ان اصوات المسحرين كانت تتقطاع احيانا لكثرتهم.ويضيف "كان الاطفال يخرجون لاستقباله بصرخات الفرح عندما يدخل شارعنا، لكن الخوف وانعدام الامن يغيبانه اليوم.وكان الزي البغدادي القديم، الدشداشة والشماغ والكوفية على رأسه، اكثر ما يميز المسحر ويعكس صورة بغداد القديمةودفعت اعمال العنف اليومية السلطات العراقية الى فرض حظر تجول منذ سنوات على معظم المدن بدءا من منتصف الليل وحتى ساعات الصباح الاولى.وفي بعقوبة يؤكد المسحراتي احمد عباس (27 عاما) انه لا يستطيع تأدية دوره هذا بدون موافقة من الجهات الامنية، على ان يتجول في المناطق المستقرة فقط.وقال مسؤول محلي في بعقوبة التي تعد من اكثر مدن البلاد توترا ان "عدد المسحراتية انخفض الى النصف بعد ان كانوا اكثر من ستين العام الماضي.اما في الكوت فيؤدي المسحرون دورهم تحت اشراف المجلس البلدي للمدينة تجنبا لتعرضهم لاعمال عنف، بحسب احمد ميرا (40 عاما) الذي يعمل في بلدية المدينة وبدأ ممارسة دور المسحراتي عندما كان طفلا مع والدهويقول ميرا لفرانس برس "اخطط مع اصدقائي لتشكيل جمعية خاصة للحفاظ على هذا المورث الديني والشعبي الجميل المهدد بالضياع والنسيان.وبالفعل، خسرت مدن عراقية تماما صوت المسحر. ففي الموصل ، اختفى المسحرون عن شوارع المدينة، كما هو حال اغلب مناطق محافظة نينوى.ويؤكد محمد خالد العريبي احد مسؤولي الوقف السني في نينوى ان "المسحرين اندثروا تماما منذ سنوات في الموصل بسبب الاوضاع الامنية وغياب دعم المسؤولين المحليين لهم.ويقول عامل البناء مخلص جار الله ان "حارات كبيرة مثل باب الجديد وراس الجادة كانت تصحو على صوت جدي ايام زمان.ويتابع "الاجتياح قضى حتى على المسحر".
غياب الأمن في العراق يهدد "ابو طبيلة" بالنسيان
نشر في: 5 أغسطس, 2012: 10:26 م