اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > نظيــر لك فـي الخلــق

نظيــر لك فـي الخلــق

نشر في: 6 أغسطس, 2012: 06:01 م

أحمد حسين "الناس صنفان، أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق". هذا ما قاله الإمام علي بن أبي طالب قبل نحو ألف وأربعمئة سنة، قال ذلك في عصر ومجتمع كانت قيمة الإنسان فيه تساوي منزلته الاجتماعية أو قدرته الاقتصادية، وهذه المقولة تكاد تكون قاعدة إسلامية إذ تؤيدها القاعدة المحمدية
 "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده"، وخلاصة هاتين القاعدتين هي: أهمية الإنسان وقيمته تأتي في ما يقدمه لبني البشر من خدمات.هاتان القاعدتان ليستا حكرا على الإسلام، فلو بحثنا بتجرد من دون أحكام مسبقة على الآخر المختلف عقائديا أو عرقيا سنجد أن جميع الأديان وحتى الشعارات السياسية تحث على المؤاخاة والسلام الإنساني، لكن للأسف، السياسة، حين تدخل السياسة والمصالح في أي شيء تفسده لا محالة، إنها آفة كل خير.صورة نشرت في الانترنيت صعقتني، أب صومالي يقتل ابنه لينقذه من الجوع، لا أدري متى التقطت الصورة، ولست متأكدا إن كانت واقعة حقيقية أم إنها من تجليات الـ(فوتوشوب، وإخوانه)، لكنها صورة ليست خرافية قطعا وبلا شك، ففي الصومال وغيرها من دول العالم مجاعات موجعة تدمي القلوب، فمن منّا نبض قلبه المدمى وبدلا من أن ينزف الدم مد يد المساعدة دون أن ينتظر شيئاً بالمقابل، من منّا شاهد هذه الصورة أو قرأ هذا الخبر وفكّر أن يقدم المساعدة الإنسانية وليس التبشيرية لدينه أو مذهبه أو قوميته أو حزبه؟ الطفولة قداسة يحرم المساس بها، هي خط أحمر، بل خط ملتهب يجب أن يحترق من يقترب منه، فهل تعاملنا مع هذه القداسة كما أمرتنا أدياننا وأحزابنا، أم أن لعابنا الديني المذهبي القومي السياسي سال لهذه الصفقة المربحة، صفقة الأصوات المخزونة في صندوق الحسنات، بل هل حقا أن قادتنا الدينيين والقوميين والسياسيين فكروا ولو للحظة بكسب هؤلاء الجياع إلى صفهم حتى وإن كان عن طريق التبشير؟!  المؤلم في الأمر هو الجواب الواقعي – كلا – لم يفكر أحد من هؤلاء القادة بالجياع، فهم لن يهتدوا لغير أديانهم ومذاهبهم، كما إنهم لا يملؤون صناديق الاقتراع كونهم من جنسيات أخرى، ولن يعززوا العددية القومية فهم من قوميات أجنبية، فهل نحن متفهمون لهذا أم أن غشاوة المكاسب الأخروية والدنيوية أغشت عقولنا وقلوبنا وحتى عيوننا فأصبحنا كالحجارة "وإن من الحجارة لما يتشقق فيخرج منه الماء"؟! من منّا أطعم هؤلاء الجياع من دون أن يضع نصب عينيه تعميدهم بماء دينه، أو إلزامهم بأداء طقوس مذهبه، أو سماهم بأسماء تنصر قوميته، أو حشا عقولهم بإيديولوجيته وفلسفته؟!  من منّا أنقذهم من بؤسهم من دون أن يطالبهم بالإذعان له وتمجيد فضله؟! حتى الأمم المتحدة التي من المفترض أنها تعمل من أجل خير الإنسانية لم تتمكن من إنقاذ الجياع والبؤساء من واقعهم المؤلم فهي تعتمد في تنفيذ برامجها على ما تجود به الدول من مساعدات عينية ودعم مادي ،وهذه الدول لا تقدم شيئاً دون مقابل، لكن نحن بني البشر هل حاولنا أن نضغط على دولنا وحكومتنا من أجل أن  تنقذ أخوتنا لنا في الخلق، بل هل تبرعنا من جيوبنا لهم؟! سأتحدث عن بلدي العراق، سنويا تصرف مليارات الدولارات على أداء الطقوس الدينية والمذهبية والقومية والسياسية، الطقوس الدينية تشمل ما ينفقه الفرد العراقي مسلما كان أو مسيحيا أو صابئيا أو إيزيديا أو يهوديا أو غيرها من الأديان، لإحياء المناسبات الدينية سعيدة كانت أو حزينة، جماعية أو فردية، كذلك الحال بالنسبة للطقوس والمناسبات القومية، ولا يختلف الأمر في المناسبات السياسية والحزبية.سنويا تتكبد محافظة كربلاء خسائر تقدر بنحو 100 مليار دينار – أي ما يعادل 90 مليون دولار – بحسب ما كشف محافظها، بسبب الأضرار التي تلحق بالمرافق العامة من قبل الزوار، ولا أغالي إذا ما قلت أن خمسة أضعاف هذا المبلغ أي ما يعادل نصف مليار دولار على أقل تقدير تنفق سنويا من قبل الدولة والمواطنين لإحياء المناسبات الدينية الشيعية الكبرى حصرا (عاشوراء، النصف من شعبان، بيعة الغدير، مولد ووفاة النبي محمد، مولد ووفاة الإمام علي)، لكن هل فكّرت الحوزة العلمية في النجف بإرسال مئات الأطنان  من الطعام والشراب والحلويات التي يلقيها أصحاب المواكب في الصرف الصحي أو المزابل؟ لا يختلف الأمر لدى السُنة، فهم أيضا ينفقون سنويا مليارات الدنانير لإحياء مناسبات دينية، باستثناء أمر واحد وهو أن مناسباتهم أقل بكثير من الشيعة، فهل اقترح فقهاء السُنة جمع ما ينفق من أموال لإطعام الجياع؟ والحال لا يختلف لدى المسيحيين أو اليهود أو الصابئة أو الإيزيديين، أو القوميات العراقية والأحزاب السياسية الدينية والعلمانية.لذا لا أظن أن أحدا سيختلف معي حين قلت أن ما ينفق سنويا في العراق لإحياء المناسبات الدينية والقومية والسياسية والاجتماعية والثقافية والفئوية والفردية، يدخل في خانة مليارات الدولارات، فهل فكّرنا بإنقاذ جياع الصومال وأفريقيا والهند وغيرها من موتهم البطيء، هل فكّرنا أن نقدم لهؤلاء شيئا دون أن ننتظر مقابل؟. أنا على يقين أن متصدقا يطعم جائعا من دون نوايا تبشيرية سيحظى باحترام وتقدير لشخصه ولدينه وقوميته وحزبه، أكبر من ذاك ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram