هاشم العقابيأفضل شعراء الموال بالعراق، حسب تقديري، ثلاثة: الحاج زاير الكوفي وعبو المحمد علي الموصلي وعبد الحسين أبو شبع النجفي. ميزة هؤلاء أنهم أكثروا من انتقاد واقعهم الاجتماعي وكشف "عوراته". وبسبب ذلك تعرضوا لهجمات قادها ضدهم عديمو الموهبة ممن حسبوا نفسهم على الشعر وجمع من الجهلة والمتاجرين باسم الدين والأخلاق.
ولهذا لم تخل موالات الثلاثة من مرارة الشكوى من العيش بين الجهلة مثلما لم تخل من شدة الهجوم على من حاربهم.لقد انتشرت موالات الحاج زاير وكذلك أبو شبع بين الناس وتناولها الباحثون والنقاد، بينما لم يحظ عبو المحمد علي باهتمام مماثل رغم انه، في بعض من مولاته، أشد من الاثنين وضوحا وصراحة وثباتا في تمرده وثورته على ما هو سائد من قيم بزمانه. من قراءة متأنية لما تركه هؤلاء العمالقة في دنيا الموال، وفي مجال الهجوم على خصومهم بالذات وجدت أن الكوفي ومثله النجفي قد اتخذا من الكلب رمزا لوصف من ناصبهم العداء، بينما تفرد الموصلي بتشبيه أعدائه بالحمار في موالاته. وهذان الحيوانان مظلومان دائما. فالنذل عند الشعراء الشعبيين، مثلما عند اغلب الناس، كلب، رغم انه أكثر المخلوقات وفاء لصاحبه. فأبو شبع ينصحنا أن لا نرد على النذل بقوله في آخر سطرين من موال شهير:لو سبك النذل ما عنده عرض ينسابولو عضك الچلب كلي هم تعض الچلب؟والحاج زاير قالها وكأنه يرثي حالنا في يومنا هذا: الشهم لو عاشر الانذال ما هو باس من جلة الخيل شدوا عالچلاب سروجوالحمار الذي تراه بعض الشعوب حكيم الحيوانات أو زاجلها، لأنه مثل الحمام الزاجل يعرف طريقه الذي سلكه حتى ولو مرة واحدة، اختاره عبو المحمد علي رمزا للغباء والتحجر. هذه مقتطفات من موالات خص بها شاعرنا الحمار أقدمها للقارئ الكريم. لعل في تقديمها إنصاف لشاعر لم ينصف، وفرصة لإطلاعكم على موالات ربما لم تسمعوا بها من قبل. ما يوم نفسي على بعض الرديا تهماحچي الصدك ما أوجه للخلايك تهموهل الروايات ما ارضى رواياتهملن الرويات بيها من الچذب وخلافواتجنبت عن زواج وعن ضنى واخلافما صابني غير موته ابها جدل وخلافتشفي الزمايل او عد اهل النجابا تهموفي موال آخر يقول:كومن بهم ما شفت واحد يصافح مارجملة مخانيث بس الها عيون احمارالسانهم لو تملحه ما تملّح، ماروالشين بيهم سرى بين الخلك وانسانوانزيلهم لا تظنه بينهم ونسانيولد ولدهم على صورة بشر وانسانكلما كبر طالن اذانه وصار احماروفي موضع آخر لا يصف خصمه بأنه حمار فقط، بل وابن حمار أيضا:وجهك امنحس على كل الكبايح ماراتغطيت بسود ومن فوك السواد احماريامن عسى صاب چبدك والضمير احماروتموت نارك ولا يوم الهبت وشبتتجري النكص وش خجل دا يمنعك وشبتلولا الزمايل اتنط على النسا وشبتجنت آنه اكلك ابوك اعله الوكاد حمارلو كان شاعرنا حياً اليوم وشاهداً بعينه ما حل ويحل بنا وببلدنا من كوارث، فلن يترك قسوته على الحمار، وحسب، بل سيعتذر لكل حمير الدنيا.
سلاما ياعراق : ظلم الحيوانات في الموّالات
نشر في: 6 أغسطس, 2012: 09:06 م