حازم مبيضينيؤشر انشقاق رئيس الوزراء السوري رياض حجاب, إلى عدة مواضيع أبرزها سقوط أسطورة السيطرة الأمنية للنظام على تفاصيل حياة السوريين, ذلك أن عملية من هذا النوع, تؤكد أن الأجهزة الأمنية السورية التي اشتهرت يوماً بأنها تحصي دبيب النمل في كل بقعة في البلاد, قد وصلت إما إلى مرحلة من الإنهاك نجمت عنها حالة من التراخي في الإنجاز,
أو أن تلك الأجهزة باتت مخترقة إلى حد نجاح عمليات انشقاق كبرى, تزامنت مع اختراقات أمنية هائلة, وذات تأثير مباشر وعنيف على عصب النظام, لعل من أبرزها تفجير خلية الأزمة وقتل أربعة من أرفع المسؤولين العسكريين, في بلد بات معروفاً أن العسكر هم حكامه, وأن كل ما عدا ذلك ليس أكثر من ديكور, يؤدي وظيفة الإيحاء بوجود هياكل دولة مدنية.لايقلل من أهمية انشقاق حجاب, إعلان وزير الإعلام السوري عدم تأثير ذلك, لأن سوريا بلد مؤسسات, لايضيرها خروج بعض الأفراد مهما علت مراتبهم, غير أن المفارقة بدت واضحة, وهو يؤكد عدم انشقاق بعض الوزراء معه, باعتبار أنهم أشخاص مهمون, وأنه سيكون لقفزهم من سفينة النظام أثر على درجة اهتزازها, وكأن الوزراء يتمتعون بأهمية تفوق رئيسهم, الذي ينبغي القول إن الرئيس الأسد شخصياً, هو من اختاره لمنصبه, بينما كان الرجل يخطط للانشقاق, وبما يعني أن عيون الأجهزة الأمنية, كانت غافلة عما يجري أمام أعينها, أو أنها أغمضت بإرادتها, وسيعني ذلك حكماً أن الثقة بها ستهتز, وأن رأس النظام سيحصر ثقته بدائرة ضيقة من الأهل والعشيرة والطائفة.صحيح أن موقع رئيس الوزراء في النظام السوري, لم يكن ليزيد عن موقع رئيس بلدية البلاد, وظيفته الأساس هي الخدمات, وأنه لم يكن يوماً, ومنذ أربعين عاماً جزءا من الخلية السياسية التي تملك قوة اتخاذ القرار, غير أن الصحيح أن الثقة التي منحها النظام لرياض حجاب, حين قدمه كرجل هذه المرحلة, تدل إما على اختلاط الرؤية, أو على عدم توفر بديل موثوق أكثر منه, وصحيح أن غيابه عن دمشق, لن يحدث خللاً في مركز صنع القرار, من حيث وحدته, لكن نجاحه في الخروج الآمن من سوريا, وما يقال عن تزامن ذلك مع تفجير مبنى الإذاعة والتلفزيون المحصن, كجزء من عملية تأمينه, يعني أن السيطرة الأمنية للنظام, حتى في أخطر مفاصلها, باتت هشة وغير قابلة للثقة, أو أن المؤسسة الأمنية بالكامل تخضع لعملية اختراق كبرى, ستكون هي الخطر الأكبر على النظام.أكبر الظن أنه لن يكون لرياض حجاب, المنشق متأخراً, دور مفصلي في جسد أو أجساد التنظيمات المعارضة للأسد والبعث, لكن المؤكد امتلاكه لكم من المعلومات المفيدة, ستتيح وضع خطط تعجل برحيل النظام, مع ضرورة النظر بعين الاعتبار إلى البعد العشائري للرجل, وانتمائه إلى منطقة دير الزور, التي تشهد تمرداً متواصلاً ضد النظام, كما يمكن هنا استذكار انشقاق العقيد في الأمن السياسي, يعرب الشرع, وهو ابن عم نائب الرئيس, وينتمي إلى درعا, التي شهدت انفجار ثورة الشعب السوري, المستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام, إضافة لانشقاق العميد مناف طلاس, صديق الرئيس بشار, والقائد في حرسه الجمهوري, وابن وزير الدفاع المزمن مصطفى طلاس, الذي يبدو أنه ينأى بنفسه عن النظام دون إعلان ذلك. انشقاق حجاب ضربة قاصمة للنظام, وإن لم تكن قاتلة, وهي تطرح سؤالاً حول من الذي سينشق بعده.
في الحدث: انشــقّ حجــاب وسقطــت الأسطـــورة الأمنيـــة
نشر في: 7 أغسطس, 2012: 05:54 م