TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فضاءات:ارحموا القطاع الخاص

فضاءات:ارحموا القطاع الخاص

نشر في: 8 أغسطس, 2012: 06:16 م

 د.ماجد الصوري أطلعتنا وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة عن نية البرلمان خصخصة قطاع الكهرباء وعرضه على الاستثمار،  في مفهوم ضبابي غير واضح، بعد أن تم صرف 37 مليار دولار بين نفقات تشغيلية واستثمارية، منها 21 مليار دولار لتطوير منظومة الكهرباء بين الإنتاج والتوزيع. وكان المفروض أن نحصل بهذه الأموال، وأموال المنح التي قدمت إلى العراق، على ما لا يقل عن 25 ألف ميكا واط، إضافة الى 5,5 ألف ميكا واط التي ورثناها.
  ولو تم  ذلك لكان من الممكن أن نحقق الأحلام الوردية للسادة المسؤولين في حل معاناة الشعب العراقي أفرادا وصناعة وزراعة وخدمات، وفي تصدير الفائض من الطاقة إلى دول الجوار، التي نستورد منها هذه الطاقة حاليا، وكأن الجميع مستعدون للتنازل عن طموحاتهم الوطنية من أجل عيون السادة المسؤولين في العراق. كان من المفروض على الحكومة والبرلمان الموقرين أن يقوما بمراجعة ومتابعة مصير الأموال التي أنفقت، وتشخيص النواقص والعيوب والمخالفات سنة بسنة، ومحاربة بؤر الفساد والتخريب، وبشكل علني وشفاف، واتخاذ الإجراءات اللازمة، قبل التبجح بانتقال العراق إلى التصدير، والإعلان عن فشل القطاع العام، ممثلاً بوزارة الكهرباء، والتوجه نحو القطاع الخاص، وكأن القطاع الخاص المحلي والأجنبي، سيأتي متوسلا للحصول على مثل هذه الفرصة الثمينة، وسيقوم بحل جميع التوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والفساد الإداري والمالي المتمكن من أجهزة الدولة، ويعفي الحكومة والبرلمان من مسؤولياتهما. فالأموال التي أنفقت، لا حول ولا قوة لنا على استرجاعها. فالقطاع الخاص والأموال الخاصة هما الحل السحري، وسيبقى الشعب العراقي والاقتصاد العراقي يعاني من كل هذه المشاكل إلى ان يتم حل الإشكالات الجديدة.إلى متى يستمر الخداع في ترويج المفاهيم الخاطئة حول دور القطاعين العام والخاص؟ والى متى يستمر التمجيد بدور القطاع الخاص وكأنه العصا السحرية لحل جميع المشاكل. ألا يكفي ما نراه في الدول الرأسمالية المتطورة من فشل في بعض المجالات التي يديرها القطاع الخاص، يعادل أو يفوق الفشل المتعمد الذي يتعرض له القطاع العام. لقد أثبتت جميع التجارب العالمية انه لا يوجد حتى الآن نموذج اقتصادي أمثل يمكن إتباعه لا في الدول الاشتراكية التي انهارت ولا في الدول الرأسمالية التي تتعرض إلى أزمات متكررة تقرب من الانهيار، وكل ذلك بسبب سوء الإدارة والجشع الناجم عن المصالح الذاتية والفساد الإداري والمالي. كيف يمكن أن ينجح القطاع العام في العراق وهو متخم في البطالة المقنعة وتقادم المعدات والإجراءات المتعمدة لإفشاله؟ وكيف ينجح القطاعان العام والخاص، في ظل غياب العوامل التي تؤدي إلى تخفيض تكلفة الإنتاج وزيادة المردود، وفي ظل هذه الفوضى السياسية والاقتصادية والأمنية؟المشكلة أيها السادة ليست في طبيعة القطاعين، وإنما في الإدارة الرشيدة الغائبة، إدارة الاقتصاد الكلي وإدارة المشاريع، وفي توفير الظروف المناسبة للعمل لإنجاح المشاريع الإنتاجية والخدمية والمشاريع الأخرى، بدون ذلك لا يمكن حل لا مشكلة الكهرباء ولا البطاقة التموينية ولا خدمات البنى التحتية ولا المشكلة الأمنية ولا مشكلة البطالة والفقر.  فارحموا القطاع الخاص الذي لا يمكن تحقيق أي تطور من دونه، ولكن لا تحملوه أكثر من طاقته  فإمكاناته محدودة في ظل الظروف التي يمر بها العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram