TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : فرحتي الاولمبية

سلاما ياعراق : فرحتي الاولمبية

نشر في: 8 أغسطس, 2012: 06:55 م

 هاشم العقابي جزى الله اولمبياد لندن كل خير، عني وعن كل إنسان غمرته البهجة وهو يتابع أحداثه. ولا أظن أن في الدنيا كلها أكرم وأنبل واتقى ممن يشغل نفسه بإسعاد الآخرين ورسم البسمة على وجوههم. يصعب علي وصف سعادتي خلال متابعتي لمجريات الألعاب الاولمبية بدءا من فعاليات الافتتاح التي أشعرتني بأنها لحظة افتتاح جنة بمعنى الكلمة. جنة بجمالها ونسماتها الإنسانية المتحضرة. يا لها من دنيا عجيبة تريك أمما لا تجيد غير الهدم وزرع بذور الشر، وأخرى لا تعرف غير البناء ونشر نسائم الخير.
تعال يا جدي المتنبي يا أبا الطيب العراقي، فانا الفرحان حد الثمالة بما أرى، احتاجك أن تسمعني بصوتك لا بصوت غيرك: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم. ولأن الفرح مثل الحب يطهر الروح ويرقى بها إلى أعلى، شعرت أن كل لاعب ولاعبة يمثلاني رغم أني قضيت أكثر من نصف عمري بلا وطن غير وطن المنفى. لم اعهد بنفسي شوقا لمتابعة الفضائيات مثل شوقي لمتابعة الألعاب الاولمبية. وهذه نعمة أخرى ارتحت بها من هموم أخبار البلد الذي صارت به المفرحات أشح من الكهرباء والنزاهة والأيام الآمنة. وان كانت الألعاب الاولمبية، على العكس من الاحترافية، كلها على بعضها منعشة للنفس ومجلبة للبهجة، فان السباحة التزامنية Synchronized swimming للنساء، بالنسبة لي، كانت أكثرها بهجة وجمالا. وهذا النوع من الرياضة الذي له تسميات أخرى مثل الباليه المائية أو السباحة الإيقاعية، يعد لوحة فنية تشكلها لاعبتان فوق الماء وتحته. لوحة جمالية تكاد تجمع كل الفنون بما فيها التشكيلية والموسيقية وحتى الشعرية. لاعبتان تتناغمان لا بالحركات والرقصات الجسدية حسب، بل وبإيقاعهما الروحي أيضاً. وحين تظهران فوق الماء كعروستي بحر تطشان ضحكاتهما الأنثوية العذبة على الحاضرين، كما الهلاهل العطرة، بكل سخاء، فما أكرمها. ومن جميلتين إلى أجمل ورائعتين إلى أروع، نزلت الروسيتان، ناتاليا وسفيتلانا، إلى الماء فرحتين فتطاير هو الآخر من تحتهما فرحا. رقصتا فرقص المسبح كله، تمايلتا فكادت المدرجات تميل بالحاضرين. رسمتا بحركات ساقيهما المرتفعتان فوق الماء ورأسيهما تحته ما لا يصدقه العقل والعين، فصارت القلوب تصفق لهما قبل الأيادي. توّجهما الحاضرون بالحب والتشجيع وتابعوهما، وأنا مع المتابعين، إلى لحظة تتوجيهما بالذهب. وفي غمرة هذا الاحتفال البهيج قال المذيع وكأنه يهمس خبرا سارا بأذن المشاهدين: إن هذا المسبح الفريد والأنيق صممته المعمارية زها حديد فامتزج فرحي بشيء من الزهو. حاضر أنت إذن يا وطني، فسلاماً يا عراق. طربت حتى كدت أن اغني فسالت دمعة مني. وبخت نفسي: ولج ليش تبجين؟ أنا شعليه. لعد منو عليه آني؟ أي. شلون؟ انسيت انك قلت يوما لأحمد فؤاد نجم بعيد ميلاده السبعين:بس يمكن لأن آني عراقي .. انسيت طعم الفرح من سنين .. وصرت بأجمل اللحظات اصب ادموعلذا اعتذر يا احمد .. لأن رغم الفرح ما زال بعيوني الحزن مطبوع؟أسكتتني كعادتها، فأخذتني صفنة كما الحسرة، جرتني لسؤال: لو ان زها ظلت بالعراق هل كانت ستحقق ما حققته اليوم من انجازات عظيمة ويذيع صيتها كأفضل مصممة معمارية بالعالم؟ سؤال جعلني أتذكر أستاذنا القدير الدكتور احمد حقي الحلي وكيف كان يحثنا، في أيام الدراسة الجامعية على الخروج، إلى الغرب. كان يقول لنا لو أن بتهوفن عاش هنا لأصبح طبالا مثل عبد رويّح، ضارب الخشبة الريفي. ولو أن روّيح، عاش هناك قد يصبح هو بتهوفن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram