عدنان حسينأشك في أن الأغلبية العظمى من أعضاء مجلس النواب ستكترث لأحدث تحذير صادر عن مفوضية الانتخابات، بل أجزم بان البعض منهم لن يعرف به، فهذا البعض غارق في الاهتمام والانشغال بشؤونه الخاصة وبشؤون حزبه وكتلته وبالتملق لأولياء نعمته ولا وقت لديه البتة لرعاية مصالح الشعب الذي باسمه يتسنم النائب منصبه.
المفوضية قالت أمس ان اللجنة العليا للتخطيط للعمليات التابعة لها "خلصت الى عدم إمكانية إجراء انتخابات مجالس المحافظات المزمع اقامتها العام المقبل وفقاً لما ورد في نص التعديل أعلاه (قانون التعديل الثاني لقانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي رقم (36) لسنة 2008 المعدل)، ما لم يجر تعديل المادة القانونية في نص القانون المعدل كون الجهاز المركزي للإحصاء ليس لديه في الوقت الحالي بيانات عن اسماء السكان تساعد المفوضية في اعداد سجلات الناخبين". عدم وجود بيانات عن أسماء السكان لدى الجهاز المركزي للإحصاء ينسف العملية الانتخابية من أساسها، فهو من ناحية يمكنه ان يسمح بعمليات تزوير خطيرة واسعة النطاق، ومن ناحية أخرى يحرم أعداداً غير محدودة من المواطنين من حق الانتخاب، وهو حق أساسي مكفول في الدستور الذي يُلزم بانتخاب الهيئات التمثيلية كلها المحلية والوطنية انتخاباً مباشراً من الناس. وحرمان أي فرد من دون وجه حق من حق يتمتع فيه الآخرون انتهاك لمبدأ المساواة الذي يكفله الدستور ايضاً.المشكلة ان من يدرك هذا ويفكر به أقلية ضئيلة من أعضاء مجلس النواب ومن أعضاء الحكومة أيضاً (هم جميعا أبناء عم ينتمون الى عشيرة المحاصصة والتوافقات التي وضعتهم في مراكزهم ومناصبهم)، ولذا فمن غير المنتظر ان تنتفض الأغلبية بعد اطلاعها على تحذير مفوضية الانتخابات لكي تقوم بواجبها في تشريع القوانين التي تيسّر عملية الانتخابات ومنها تنظيم إحصاء سكاني عام لتوفير البيانات التي تراها مفوضية الانتخابات لازمة لإعداد سجلات الناخبين قبل إجراء الانتخابات.وما يؤكد هذا الرأي ويعززه بقوة ان بيان المفوضية يكشف عن انها " قدمت اكثر من كتاب موجه الى مجلس النواب قبل صدور تعديل القانون، أكدت فيه ان المفوضية ستعتمد قاعدة بيانات سجل الناخبين الموجودة لديها والمبنية على قاعدة بيانات البطاقة التموينية لدى وزارة التجارة "، وذلك رداً على ما جاء في المادة 3، الفقرة أولاً، من القانون المعدل التي تقول "تعتمد المفوضية في وضع سجل الناخبين وتحديد عدد مقاعد الدائرة الانتخابية على أحدث بيانات الجهاز المركزي للإحصاء". كما يكشف بيان المفوضية عن أن "مشروع القانون المقدم إلى مجلس النواب من قبل لجنة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم تضمّن التوصية المقترحة من قبل المفوضية (في هذا الشأن) والتي لم يؤخذ بها لدى صدور القانون المعدل". والنتيجة ان القانون الذي شرّعه البرلمان للتو (قانون انتخابات مجالس المحافظات) "سوف يؤدي إلى وقف التحضيرات المتعلقة بإعداد سجلات الناخبين الأولية لفتح مراكز التسجيل من أجل تحديث سجلات الانتخابات" كما جاء في تحذير المفوضية. والخلاصة أن ما عندنا ليس برلماناً وإنما منتدى لخليط من الكسالى والدايخين وغير المكترثين، مع التقدير والاحترام للأقلية الضئيلة من النساء والرجال المحترمين الذين لا حول ولا قوة لهم بإزاء الأغلبية العاتية في لا مسؤوليتها.
شناشيل: الأغلبية الدايخة في البرلمان
نشر في: 8 أغسطس, 2012: 09:36 م