علي حسين تطلق مدفعية ائتلاف دولة القانون هذه الأيام قذائفها الثقيلة ضد الدكتور سنان الشبيبي محافظ البنك المركزي من كل الاتجاهات تحت شعار: "لا نريد خبيرا اقتصاديا يتولى شؤوننا" ، ويبني هؤلاء القناصون والرماة خطتهم في القصف على أساس ان الشبيبي ينتمي إلى طائفة من التكنوقراط لا تنسجم مع مقتضيات الواقع الجديد، الذي يريد له البعض أن يستند على قيم المحاصصة الطائفية والمحسوبية والجهل والخرافة، بل ذهب خبراء دولة القانون إلى اتهام الرجل بأنه مسؤول عن تهريب أموال العراق
الى المنظمات الإرهابية، فقد خرج علينا النائب هيثم الجبوري المكلف شرعا من الله لخدمة العراق – كما اوضح لنا ذلك سيادته قبل ثلاثة أيام في برنامج "مسوول صايم" الذي تبثه قناة البغدادية قائلا بالحرف الواحد "إنه يوكد دائما لعائلته انه مكلف من الله لخدمة الوطن" المهم ان النائب "المكلف" اتهم شخصيات سياسية متنفذة في البنك المركزي بتهريب 10 ملايين دولار يوميا لتمول الإرهاب، لا اريد هنا ان اناقش صحة الاتهام الذي وجهه الجبوري من عدمه، فقط أنا أتحدث عن المنهج والطريقة التي تعامل بها مقربو المالكي مع شخصية بحجم سنان الشبيبي، فالبعض هدّد باتخاذ قرار في مجلس النواب ان لم يقدم الشبيبي استقالته ويترك البنك المركزي لشخصيات اكثر خبرة ودراية بالوضع الاقتصادي، وليكن الجبوري مثلا، فالرجل يتمتع بكل صفات الخبير الاقتصادي، فهو اولا عضو في اللجنة المالية البرلمانية، وهذه اللجنة حققت خلال السنتين الماضيتين انجازات عظيمة ، منها قانون تقاعد أعضاء البرلمان، وسلفة المئة راتب لكل برلماني ومشروع السيارات المصفحة الذي أجهض بسبب غضب الناس، لكن لحسن الحظ ولان الله لطيف بعباده "المكلفين" استطاع النائب الجبوري ان يحصل على سيارة مصفحة كما اخبرنا سيادته في البرنامج المذكور، لأنه مضطر الى ذلك لعدم توفر الأمن في العراق، ولم ينس النائب الجبوري أن يبشرنا بان هناك مشروع جديد في البرلمان لتقديم قطع أراض جديدة لأعضائه، واعتقد أن من يحقق مثل هذه الانجازات العظيمة يحق له ان يقدم الشبيبي ومعه كل خبراء البنك المركزي الى اقرب مقصلة. واذا كانت الرصاصات الأولى في الحرب ضد سنان الشبيبي قد انطلقت من فوق منابر دولة القانون، فأن دخول رئيس البرلمان إليها سيجعلها تتوسع لتشمل أنواع أخرى من الاسلحة، مما ينذر بان الشبيبي ومعاونيه سيكونون تحت قصف قنابل جرثومية في الايام القادمة.ولنسأل فيلق الهجوم الخاص بدولة القانون، أيُّهما اخطر على العراق، عالم جليل بحجم سنان الشبيبي الذي سعى وبمهارة وكفاءة الى تشغيل آليات بناء مؤسسات الدولة على أسس علمية؟ ام حيتان الفساد الذين انتشروا مثل السرطان في جسد البلاد؟. لم يثبت حتى الآن أن الشبيبي ومن معه شكلوا تهديدا للأمن الوطني حتى يقرر أشاوس دولة القانون ومواقعهم الالكترونية شن حملة افتراءات ضده، لكن المؤكد بالصورة والصوت، أن الفاسدين الذين يتستر عليهم بعض المسؤولين أهلكوا البلد وشكلوا ويشكلون اخطر تهديد ضد أمن الوطن والمواطنين، لا يقل خطورة عن تهديد الجماعات الإرهابية، ففي ظل انهيار تام لمقاومة الحكومة بكل أجهزتها ضد فيروس الفساد، وصل الحال بنا الى أن نصبح في طليعة البلاد الأكثر فسادا ونهبا للمال العام، إلى الحد الذي يعجز معه المرء عن تقديم بيان حقيقي وواقعي بحجم الأموال التي نهبت من خزينة الدولة خلال السنوات القليلة الماضية. لعل قمة التناقض والازدواجية، ان نجيش الجيوش ضد عالم وخبير اقتصادي كبير لمجرد أنه يرفض دخول البنك المركزي الى حظيرة الحكومة ، ونحرك قطعات المدفعية لدك محاولاته لإصلاح النظام المصرفي في العراق، ثم يخرج علينا كل يوم رئيس الوزراء بخطب ثورية عن الإصلاح ومحاربة الفساد والاستفادة من الخبرات. أزعم أن سنان الشبيبي أكثر عراقية ووطنية من كل القناصة المنتشرين على أسطح بنايات الحكومة والبرلمان. وأخيرا كل ما نتمناه من الحكومة أن تكون أكثر وضوحا وشجاعة في قراراتها وتوجهاتها، وعليها ألا تتخفى وراء نواب ملت الناس من طلعاتهم البهية، لأن هذه الطريقة فشلت وستفشل حتماً.
العمود الثامن:حرب جرثومية ضد سنان الشبيبي
نشر في: 10 أغسطس, 2012: 10:23 م