TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > برامج رمضان

برامج رمضان

نشر في: 11 أغسطس, 2012: 06:36 م

 حسين رشيد ما أن ينتهي شهر رمضان حتى تبدأ الفضائيات العربية بالإعداد لدورة برامج شهر رمضان المقبلة، والتسابق في كسب المشاهد، من خلال إعداد خطة عمل مهنية علمية، يتم فيها تقسيم وتحديد ساعات البث اليومي وفق جدول زمني مدروس اجتماعيا. حيث يتم العمل على اختيار برامج ومسلسلات محددة تبث في أوقات تكون ملائمة للفئات
 التي تخاطبها تلك البرامج والمسلسلات. إضافة إلى البحث عن أفكار جديدة ومثيرة لبرامج ترفيهية وتثقيفية في ذات الوقت، تشد المشاهد إليها وتجعله يترقب وقت بثها. مثلما يتم اختيار وإنتاج المسلسلات الدرامية بدقة عالية، التي تتناول في الغالب ما هو إشكالوي ومثير في كل الصعد، الاجتماعية، والتاريخية، والدينية. بالنتيجة النهائية تتصدر هذه القنوات أولوية المشاهد العربي في كل مكان، إضافة إلى المردود المالي الذي سيجنى من خلال الإعلانات التجارية التي تبث في أوقات عرض البرامج والمسلسلات التي تراهن عليها تلك القنوات، وتبثها في وقت الذروة لتكون المحصلة كسب أكبر عدد من المشاهدين، مع مردود مالي وربحي جيد جدا. أما الفضائيات العراقية فتجدها تتندر قبل شهر أو شهرين وبالكثير ثلاثة أشهر قبل حلول شهر رمضان، وتبدأ بالإعداد لدورة برامج رمضانية، حيث تأتي أغلب فقراتها وبرامجها متسرعة، وسطحية، وتهريجية، مملة إلى أبعد حد يمكن تصوره. ولو تفحصنا كم المسلسلات العراقية التي عرضت من على القنوات الفضائيات، لعدنا إلى النتيجة المعروفة أن الدراما العراقية مازالت دون مستوى الطموح ولا يمكن لها أن تشد المشاهد العراقي فكيف الحال مع المشاهد العربي ؟! في السنوات الماضية كانت هناك شكاوى من البيئة التي يتم فيها تصوير تلك المسلسلات الدرامية وانعكاساتها السلبية على العمل الدرامي بشكل عام. لكن الآن تغير الحال، وكل الأعمال صورت وأنتجت داخل العراق، لكن الحال ذات الحال. والممثل هو ذات الممثل، الذي لايجيد التعامل أو التمثيل بتلقائية. فكل شيء مفتعل ومفكك ومرتبك. وحتى لو كان هناك بعض من الممثلين الجيدين فقد ضاعوا وسط الكم السيئ. مع بروز مسألة جديدة قديمة هي ضعف الكتابة الدرامية ،فأغلب الأعمال كانت مكتوبة بصورة سيئة مفككة لايوجد ربط صحيح بين بعض أحداثها وخاصة الرئيسية منها، إضافة إلى ابتعادها عن مشاكل المجمتع العراقي الحقيقية والرئيسية، التي إن تم تناولها فسيكون بشكل خاطف ومسفه.أما ما يخص البرامج الترفيهية والمسلسلات الكوميدية، فهي الأخرى وقعت في فخ التكرار الساذج، والتهريج والسطحية. ولم نجد فكرة ناقدة بشكل بنّاء ومتحضر لمشاكل المجتمع العراقي والظروف الصعبة التي يعانيها الفرد العراقي.  الشيء الآخر إن هذه البرامج والمسلسلات اعتمدت على وجوه وأسماء معينة، فتجدها تتناوب الظهور في كل القنوات الفضائية العراقية،  إذ لم تتكلف أو تتكفل أي فضائية، بالبحث عن أسماء ومواهب جديدة، يمكن لها أن تنطلق عبر دورة برامج رمضانية. الحال الذي يؤشر إلى عدم وجود رؤية أو آلية عند هذه القنوات في الكشف والبحث عن أسماء ومواهب جديدة.كذلك الحال مع برامج المسابقات التي باتت عبارة عن بوابة "شرعية" لسرقة رصيد الشخص المتصل، وذلك من خلال التعاون بين الفضائيات وشركات الهاتف النقال، حيث يتم صرف نسبة جيدة للفضائيات من إيرادات الاتصالات الهاتفية لهذه البرامج.مع كل هذه أصرت الفضائيات العراقية على زيادة قلق وإزعاج المواطن العراقي، الذي يحاول نسيان معاناته وهمومه، الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والسياسية، بشكل خاص والتخلص من التراشق السياسي بين الكتل البرلمانية ولو لفترة وجيزة لاتتعدى الشهر. بل راحت هذه القنوات تصر على زيادة القلق والإزعاج، من خلال استضافة البرلمانيين وتقديم الوجه الآخر لهم. البعض تناول مهنة البرلماني قبل أن يكون، وآخر تناول أسرار حياته الشخصية ماذا يحب، وماذا يكره، وبكم يشتري بدلته، وهل يجيد الطبخ الخ. وثالث جمع بين برلمانيين متخاصمين وراح يفكك قنوات النزاع والخلاف في مقهى بغدادي، ورابع جمع ممثلين عن الكتل الكبيرة وراح يشرح ويفصل خلافاتهم الشخصية وخلافات كتلهم، وللأسف شهدت هذه البرامج تجاوزات وسجالات لا تقل عن تراشقاتهم الإعلامية والسياسية في كل يوم، الأمر الذي زاد الطين بلة كما يقول المثل الشعبي. وكاد الوضع يتفجر بسبب تصريح في أحد تلك البرامج.وسط كل هذا الكم، نجد أن هناك إصرارا وتعمدا من قبل الفضائيات، على تغييب الثقافة والمثقف والأديب والفنان والأكاديمي عن البرامج الرمضانية، لابل حتى البرامج الثقافية التي كانت تقدم ضمن الدورات التلفزيونية اختفت. وإذا تساءلت أو سألت أحد المعنيين بالأمر، فسيكون الجواب إن أجواء الشهر لا تتحمل برامج ثقافية أو أدبية، وإن المشاهد يريد أن يضحك ويفرح، وظنهم أن ما يتم عرضه يدخل البهجة والسرور في نفس المتابع العراقي. وهذا تسطيح لمنظومة العقل العراقي وتسفيه لاهتماماته الحقيقية، وجعها اهتمامات ببرامج تهريجية لا تقدم سوى الممل والقرف لمن يشاهدها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram