حازم مبيضينبعد عقود من حكم العائلة والفرد, وبعد صراع مسلح مرير, شاركت فيه قوىً دولية, واستخدم فيه دكتاتور ليبيا كل الأسلحة ضد شعبه, جاء الانتصار, ليس فقط بمقتل القذافي, وتشرد من تبقى من أفراد عائلته, بل بنجاح الليبيين في إجراء انتخابات حرة ونزيهة, برغم غياب هذا الجزء من ثقافة الشعوب عن حياتهم, وتوجت قبل أيام بانتخاب الدكتور محمد المقريف وهو أحد مؤسسي جبهة إنقاذ ليبيا, ليكون رئيساً للمؤتمر الوطني المنتخب,
والمكلف بإدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية، وهكذا انتقل الرجل من موقعه كأحد أشد المعارضين للنظام الجماهيري الكاريكاتيري الأخضر ليكون قائد المرحلة الجديدة من حياة الليبيين وفقاً لإرادتهم.يدفع للتفاؤل بالمستقبل رد الفعل على هذا الاختيار, فقد وصف سياسيون وحزبيون الرجل بأنه من أفضل الشخصيات الوطنية لقيادة المرحلة الحالية, واعتبروا اختياره خطوة ستفضي لتشكيل حكومة قوية، ووصفه أحد أفراد المجلس بأنه يمتلك قدرة كبيرة على إدارة دفة المؤتمر المحكوم بلوائح وأنظمة وليس برغبات طارئة, وإذا عرفنا أن المقريف , وهو رجل دولة يمتلك تاريخاً نضالياً سيكون رئيساً لأول مجلس تشريعي منتخب مكلف بوضع أسس الدولة في هذه المرحلة الانتقالية أو برلمان، فإن الأمل أن تضع هذه الخطوة حداً للتجاذبات والصراعات السياسية، والانتقال الفوري إلى العمل بأجندة وطنية خالصة للوصول للمؤسسات الدائمة.المهم في شخصية الرجل مرونته, التي تأتي بعد تعنت القذافي, وحنكته السياسية بعد فعفطات العقيد, وخبرته بالعمل السياسي, بعد مرحلة انتقل فيها رجل طارئ على حياة شعبه, من ضابط صغير مغمور, إلى المتحكم بشؤون البلاد والعباد, والأكثر أهمية هو وسطيته وعدم انحيازه لأي من القوى المدنية وتيارات الإسلام السياسي, وبما يعني مقدرته على أن يحدث توازناً في هذه المرحلة الحساسة, وإذ نعرف بأن الرجل لم يساوم على المبدأ, وظل نزيهاً وبعيداً عن النظام السابق، رافضاً الدخول معه في أي شكل من المفاوضات, مصراً على اجتثاثه من جذوره، فإننا نطمئن على أن الثورة الليبية تمضي في الاتجاه الصحيح والسليم,والمبشر بمستقبل دفع آلاف الليبيين دمهم للوصول إليه. يقف الليبيون اليوم أمام مرحلة جديدة, تستوجب معالجة الكثير من الملفات, بروح الفريق التي يجب أن تسود المجلس الوطني الانتقالي, ومن أبرز أولوياتها, تفكيك السلاح وفرض الأمن، وهي خطوة لابد من أخذها بالحزم, بعد نجاح أي ثورة لمنع تحولها إلى حركة فوضوية, وليكون ممكناً وضع تشريعات جديدة, تخدم الشعب بدل أن تقيده, وتضع ثروات البلاد في خدمة المواطنين, بدل كنزها في خزائن الحكام وأبنائهم.حين يؤكد رئيس المجلس الانتقالي أن واجبه الأساس هو الابتعاد عن كل الاعتبارات السياسية والمحلية والقبلية,وأنه سيستقيل من رئاسته لحزب الجبهة الوطنية ليكون على مسافة واحدة من الجميع, وحين يدعو إلى الحوار مع كل القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني بما فيها غير الممثلة في المؤتمر الوطني العام, ويشدد على ضرورة الاقتراب من المواطن، فإننا نثق أن الشعب الليبي سيفوز في سباقه مع الوقت, لوضع ركائز مؤسسات الدولة, وسنشهد ربيعاً أخضر يليق بليبيا الخضراء, ويتوج اليوم نضالات شيخ المجاهدين الشهيد عمر المختار.
في الحدث: ليبيا الديمقراطية
نشر في: 11 أغسطس, 2012: 08:58 م