علاء حسن في سوق شعبية بجانب الكرخ بحي الشرطة الرابعة، كان ابو الفجل وخلال سنوات فرض العقوبات الاقتصادية على العراق لغزوه الكويت، يصرخ بأعلى صوته: "وين الفقير وين المحروم فجلكم فجلكم" وهذه اللازمة ظلت مستمرة لمدة طويلة، من دون أن تثير اعتراض احد من الرفاق أو عناصر الأجهزة الأمنية وقتذاك،
وفي أحد الأيام لفت نداء أبو الفجل انتباه مسؤول من "النوع الزيتوني ابو البوت الاحمر" وبعد مرور نصف ساعة، اقتاد "الويلاد" ابو الفجل الى مقر الفرقة، لإخضاعه لتحقيق دقيق لكشف سر الخطاب الداخلي لندائه المتكرر "فجلكم فجلكم"، وبعد طول انتظار، واستسلام لهواجس ومخاوف، وجد الرجل نفسه في صالة كبيرة وخلف المكتب الضخم جلس المسؤول أبو "الزيتوني" وبسؤال وجواب، ثم تلويح بتهديد ، خرج ابو الفجل يشتم الشلغم، والرشاد والكراث، وفي اليوم الثاني التزم الصمت وسط استغراب وتساؤلات الآخرين من باعة السوق. احد المغامرين المحتجين على فرض الصمت الإجباري على أبي الفجل أطلق صرخة لم يكن يتوقعها احد عندما أطلق نداءه "لحمكم لحمكم" وين الفقير وين المحروم وين أبو العيال لحمكم لحمكم، لا احد في السوق يصدق هذا النداء لان الكيلو غرام الواحد من لحم الغنم كان يساوي الراتب الشهري للمتقاعد، أبو الفجل نصح الباعة باعتماد عبارات لا تثير الشكوك للترويج عن بضاعاتهم، لان رجال الأمن يفسرون النداء بشكل آخر، وهؤلاء بدورهم يبلغون المسؤولين في الشعبة او الفرقة الحزبية لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحق الناشطين في "صفحة الغدر والخيانة من الغوغاء" وهذه التهمة وقتذاك هي الطريق الافضل لإبرام عقد سريع مع عزرائيل والانتقال الى العالم الآخر من دون المرور حتى بمحكمة الثورة المعروفة التي كانت احكامها لا تعرف البراءة. نداءات الباعة رددها الصغار والكبار النساء والرجال، والمتبضعون يجهلون سر التحول في السوق ، فابو الشلغم ينادي شلغمكم، وابو الفلفل فلفلكم، و ابو الكراعين كراعينكم ، ابو الفجل شعر بخطوة الوضع وفي احد الايام وقف وسط السوق واعلن بصوت عال "انا مسؤول السوق اني الرفيق ابو الفجل"، ابتعدوا عن المزاح الثقيل مع السلطة، انصحكم واحذركم ، ومن يرفض سماع نصيحتي، سيكون مصيره في الرضوانية او بسماية، في إشارة إلى وجود ميدان رمي لإعدام "الغوغاء" رميا بالرصاص، في المكانين المذكورين. وأثارت خطبة الرفيق أبو الفجل تساؤلات الباعة، لأنه أول من صاح "فجلكم" ثم تخلى عن هذه النظرية الثورية بشكل مفاجئ، فخيب الآخرين بتراجعه عن موقف كاد يشعل فتيل اندلاع انتفاضة شعبية، واستطاع ان يسيطر على الموقف ويجرد "البكاكيل" من روحهم الثورية لحين توفر الظروف الذاتية تمهيدا لاعتماد خيار الكفاح المسلح لإسقاط السلطة بالقوة. قبل أيام ونتيجة مداهمة مفاجأة وبموجب مذكرة قضائية وتقرير رفعه مخبر سري اعتقل الرفيق ابو الفجل لأنه يقف وراء قيادة مخطط لقلب نظام الحكم، وإعادة نشاط حزب البعث المنحل، وفي أول رد فعل للبكاكيل على اعتقال زميلهم شتموا الحزب الذي يفكر بتنفيذ انقلاب بقيادة الرفيق أبو الفجل.
نص ردن: الرفيق أبو الفجل
نشر في: 13 أغسطس, 2012: 08:44 م