TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > الافتتاحية:صناعة الفتنة بالتأويل المسيّس! ..الشيخ الصغير إذ يشوّه رسالة الإمام المهدي

الافتتاحية:صناعة الفتنة بالتأويل المسيّس! ..الشيخ الصغير إذ يشوّه رسالة الإمام المهدي

نشر في: 15 أغسطس, 2012: 10:39 م

فخري كريم

لم يُعرفْ عن الشيخ الصغير مقامٌ إفتائيّ مرجعي يمكّنه من توصيف الحالة الشيعية الإيمانية وإغنائها، لتتحول بفعل ذلك إلى أداة ارتقاءٍ للشيعة،

وقد تحوّلوا من موقع "المظلومية" التاريخية إلى موقع "السلطة الحاكمة" بعد قرون من الإقصاء والاستبداد السياسي المذهبي. نعم، لم يبرز جلال الدين الصغير من حيث التوصيف الديني وما يفرضه من اعتباراتٍ، كشيخ يرقى إلى مستوى مرجعية تتصدى لمهامها الدينية من منطلق التعمق في التفقه والدراسة الحوزوية والتفرغ لأمور الدين، وإنما برز بوصفه داعيةً في الميدان السياسي يتقصّد إقحام الدين في غير مواقعه في أمور السياسة اليومية، فراح يوظّف قيمها النبيلة في خدمة أكثر المواقف السياسية تعارضاً وتناقضاً مع القيم والمبادئ الدينية السمحة، وتعارضاً مع رحابة دعواتها للتكاتف والتضامن بين معتنقي الإسلام، بل ومع أتباع الديانات السماوية وأهل الكتاب. وقد توسعت المرجعيات الإسلامية المعاصرة، على الضدّ من الدعوات التكفيرية للإسلام المتطرف، إلى بسط قيم التسامح والتآخي والعيش المشترك إلى سائر بني البشر دون تحديد وتمييز. وكانت التقوّلات والشائعات التي يجري تناقلُها في الأوساط السياسية تشير إلى مواقف الشيخ جلال الدين الصغير في المنعطفات التي مرت بها العملية السياسية منذ انهيار النظام الاستبدادي، باعتبارها تجسيداً للتشدد ووقوداً لتغذية الصراع المذهبي والطائفي يصب في خانة توتير مناخات العمل المشترك بين المكونات العراقية ويغذي فتنها. لكنه يكشف اليوم وعلى نحو مفاجئ، عن وجه محرّض بامتياز ضد الشعب الكردي، وترافق ظهوره السافر هذا مع انكشاف حجاب المالكي وفريق دائرته الضيقة عن اصطفافاته السياسية والفكرية مع بقايا البعث وبقايا النظام السابق في إطار ما أعلنه من استعداده للتحالف مع "الشيطان" في مواجهة الموقف الوطني المطالب بتنحيته عن السلطة. والواضح أن الشيخ الصغير تحوّل من حامل صولجان الطائفية المقيتة إلى داعية لفكّ التحالف الاستراتيجي التاريخي بين الشيعة والكرد بعد أن حزم أمره كما يبدو واصطفّ مع فريق المالكي في معركته الجديدة لولاية حاكم مستبدٍ جديد اصدر في غفلة من أي رقابة طائفة واسعة من القرارات والتدابير التي تقود إلى تحالف سياسي لا يستثني أي طرف من فضلات النظام السابق، ويواصل إثارة زوابع الأزمات السياسية وتفريق الصفوف، مديراً ظهره لكل ما يتعلق بمطالب الشعب وما يعانيه من نقص الخدمات والبطالة المتزايدة والانفلات الأمني والفساد المستشري ونهب المال العام. ولو بقي الأمر في حدود تغيير الولاء السياسي لاعتبارات لم تعد خافية للعيان، لهان الأمر وكفى الله المؤمنين شر الاستغياب، لكن الشيخ جلال الدين عمد إلى وسيلة خطيرة مسّ بها مقام الإمام المهدي ورسالته السامية وأسباب انتظار فَرَجه، كرحمة للبشرية ولإقامة العدل والسلام ووأد الفتن بين البشر والقضاء على ممالك الاستبداد والطغيان. بدلا من دلالات هذا الظهور الإنساني النبيل، يتعمّد الصغير وبروح لا يجمعها جامعٌ مع "هالة الظهور وجلالة المقام" كما تبشر بها المراجع الشيعية، بتشويه صورة الإمام المهدي، وينزل بمقامه إلى مستوى دعوة هابطة، حين يصوره كطالب حرب وقتال، وضد من؟ ضد "الكرد المارقين"، كما يصوره عقل طائفي قوماني مريض، يذكر بالتشويهات التي يوردها الإرهابي الضاري والقرضاوي وعتاة أمراء الطوائف من المختلين عقلياً والممسوسين وجدانياً وأخلاقيا. جلال الدين، يوظف قراءاته السطحية في الجيوسياسة والتوبوغرافيا ومسطحات معرفية أخرى، مستعينا بخارجة مستهلكة، لكثرة ما استخدمها صدام حسين والقومجية الآخرون الذين لحقوا به الواحد تلو الآخر ولم يبق منهم إلا مريد أثير إلى قلب جلال الدين الصغير، ليعلن، بعد عرض يدعي استنباطه من أحاديث للإمام الباقر، عن علامات "مروق " يرى أنها تشخيص لمروق كردي مترافق مع تحركات على الأرض في "شمال العراق"!. إن مشاهدة محاضرة الصغير "الاستعراضية" لا تثير الامتعاض من الجهالة والرداءة المعرفية وحسب، وانما تستثير الشفقة على رجل تعمر بالعمامة لينشر دعوة الإمام الطاهر علي بن أبي طالب وسيد الشهداء الحسين ووعد الإمام المهدي بالهداية إلى العدل، ليدلل بوضوح على أن الصغير "لا ينطق عن الهوى" ولا يأتمر بهداية علم الفقه والديانة الصالحة، بل يأتيه الوحي من حيث يعرف الجميع. لقد انكشف المستور من هوى الشيخ الصغير، وهو يبشر بعهد رشيد "يتوجه الإسلام السياسي" ببسط سلطته، بعزم "رجال" أقوياء ذوي قدرة على المنازلة والقتال! وهل نحتاج الى تذكير الشيخ بأن ظهور الامام المهدي، سيتقارب مع اختفاء دعاة فتنة مثله، إذ سيحمل الظهور بشرى نهاية المتأسلمين السياسيين الذين ملأوا دنيانا فساداً وقلة ذمة وضعف إيمان ودين. هذه هي رسالة الظهور ومضامينها التي تؤكدها كل الأديان السماوية!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram