حازم مبيضينبغياب سوريا, وحضور وكلائها, مع مناهضي النظام السوري, تنعقد القمة الإسلامية, وعلى أجندتها العديد من الملفات, بعضها يتعلق بمسلمي العالم العربي, المنقسمين طائفياً إلى حد الاقتتال, ومسلمي العالم الذين يتعرض بعضهم لحملات إبادة, كما في بورما, والبعض الآخر من هذه الملفات,
يعنى بدراسة أسباب الحال القلقة والمقلقة, التي يعيشها المسلمون في شتى بقاع العالم, والناجمة عن التوزيع الظالم للثروات, حيث يعيش البعض حياة بذخ فاحش, فيما تفتقر حياة الغالبية إلى أدنى مقومات العيش, ويمضون حيواتهم على هوامش الفقر والضنك والحاجة, وهناك ملفات أخرى ظلت حاضرة على موائد القمم الإسلامية, لكن حضورها يشبه غيابها, والمؤسف أن ملف القدس, وهي أول قبلة توجه إليها المسلمون, وثالث أكثر المساجد تقديساً عند المسلمين هو واحد من تلك الملفات.سينصب اهتمام المجتمعين, الذين يستغلون الفرصة لأداء مناسك العمرة, ويلتقطون صوراً عند الحجر الأسود في الكعبة تنشرها صحف بلادهم, من قبيل الدعاية الإيمانية, على الوضع المتفجر في سوريا, وللأسف ليس من قبيل الحرص على دماء السوريين, ووحدة وطنهم وهي ضمانة مستقبل أفضل, وإنما كاستحقاق طائفي بامتياز, تقوده السعودية وتركيا نيابة عن أهل السنة, وإيران كمتحدثة باسم الطائفة الشيعية, وللطرفين أتباع ومؤيدون, يبدو جلياً أنهم لن يتفقوا, لأن الاحتقان والتخندق الطائفي, هما اليوم في أكثر الحالات سطوعاً, ولأن الفعل الحقيقي على الأرض يتركز على محاولات بناء " هلالين " أحدهما يرفع رايات أهل البيت عليهم السلام, والآخر يمضي تحت بيارق الصحابة والتابعين رضي الله عنهم. ستخرج علينا القمة الإسلامية ببيان سيبدو توافقيا, لكن مضمونه لن يكون أكثر من تكريس للواقع الراهن, وسيم فيه الحديث عن وحدة المسلمين, وطموحاتهم بمستقبل أفضل, ولن تنسى لجنة الصياغة, التعريج على موضوع انعقاد القمة في هذه الأيام الفضيلة من شهر رمضان, وربما جرت الإشارة إلى ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر, مع تجاهل أن كل دقيقة تمر على السوريين, تعني إراقة المزيد من الدماء على مذبح الطائفية البغيض, وهي طائفية يغذيها بعض المجتمعين في القمة, وبعد البيان الختامي, ستدبج المقالات عن فضل هذا الفريق أو ذاك في إنجاحها, وسيتبارى الكتبة في البحث بين السطور عن صور نجاحها, وسيقال إنها فتحت أبواباً لحلول تعود بالخير على المسلمين, بينما واقع الحال ينبئ بأنها ستفتح الأبواب والنوافذ والجدران على واقع سيكون أشد إيلاماً لبني البشر, وليس للمسلمين وحدهم.كان أول غيث القمة, تعليق عضوية سوريا في منظمة المؤتمر الإسلامي, وهي عضوية ينبغي القول أن لا أحد في هرم النظام السوري معني بها, أو يلتفت إليها, أو يعول عليها, وفي حال توفر أي اهتمام بها, فإن دمشق تعتبر أنها حاضرة من خلال مؤيدي نظامها, وواثقة أن هناك من سيدافع عن مواقفها, وأن غيابها ليس أكثر من فرقعة إعلامية غير مجدية ولا مؤثرة, وعلى المنتظرين لأي نتيجة إيجابية من القمة الإسلامية, مراجعة نتائج القمم السابقة, التي انعقد بعضها في ظروف أكثر حرجاً, وكانت تحظى باهتمام جماهيري, لكن نتيجتها لم تكن أكثر من صفر مكعب, ولم تتجاوز تلك النتائج الحاجز الجغرافي للدولة التي انعقدت فيها.يستحق المسلمون في أرجاء العالم التهنئة بعيد الفطر, وأن نقول لهم كل عام وأنتم بخير, ونستثني منهم كل من كان حاضراً في القمة الإسلامية, المنعقدة لتعميق الخلافات بدل حلها.
في الحدث: القمة الإسلامية والوضع السوري
نشر في: 15 أغسطس, 2012: 09:15 م