عامر القيسيأنا شخصياً أوجه شكري لرجل الدين جلال الدين الصغير لأنه لم يحتمل كثيرا حمل وزر أفكاره، التي ناء بحملها ربما سنوات طويلة، فأطلق الرجل ما في رأسه من أفكار مساعدا الكثير من الذين كانوا يرونه من خلف عباءة سوداء،لا أحد يعلم ما تضمر خلفها، على كشف مستوره.
فبدا الرجل عاريا إلا من أفكاره التي أتحفنا بها، عارضا إياها للجمهور مجسّدة صافية، فلا حاجة بعد الآن لهذا الجمهور لان يبحث عن مناقب الصغير الوطنية، فالصغير قد كشف الغمامة عن أعيننا ووضع بين أيدينا "حقيقة" أن أعداء المهدي المنتظر هم الكرد لأنهم الفئة المارقة المذكورة في كتب الملاحم والفتن!وحاله حال السيد المالكي الذي أكتشف بعبقريته أن الشعوب المنتفضة ضد طغاتها في المنطقة مجموعة من الجهلة والحاقدين، ومثل هذه الاكتشافات المذهلة للصغير والمالكي وغيرهما يعج بها المشهد السياسي العراقي،وهي تجليات حقيقية للبنية الفكرية والسياسية والدينية للكثير من اللاعبين الأساسيين في حياتنا اليومية، وتتجلى خطورتها في انسحابها على الشارع والمخاوف والتوترات التي تتركها فيه، وما ذكره الزميل سرمد الطائي في عمود الامس من تساؤلات هذا الشارع ومخاوفه ليس إلا تجليا للانعكاسات السلبية الكارثية لمثل تلك الخطابات التحريضية والطائفية والشوفينية في وسط لديه إلى حد ما الكثير من الاستعداد للتجاوب معها بل والتفاعل مع مفرداتها، خصوصا وأنها تنحو في تعلقها على المقدس عند الوسط نفسه.ولن نفاجأ في وسط هذه الأجواء المريضة من اكتشافات جديدة من بطون "كتب الملاحم والفتن " تعتبر فئات كثيرة من الشعب العراقي بما في ذلك من الشيعة أنفسهم، مجاميع من المارقين والزنادقة والجهلة والحاقدين، سيظهر إليهم الإمام المهدي ليحاربهم قبل أن يقوم بمهمته الإلهية في إشاعة العدل والسلام، وسيكون العراقيون في المقدمة ما دام الصغير يعتبر أن الإمام المنتظر سيقاتل أكراد العراق حصرا!!نقول لن نفاجأ لان ردود الفعل على تلك الاكتشافات لا ترقى إلى مستوى المخاطر التي تشيعها اكتشافات العباقرة، لا على المستوى الديني ولا السياسي ولا حتى الأخلاقي، والمطلوب اليوم، قبل أن تغرقنا هذه الاكتشافات بويلاتها، أن نشهد موقفا واضحا وجليا من هذه الطروحات اللاأخلاقية التي تشيع الفرقة والفتنة بين أبناء الشعب الواحد، وفي المقدمة من هذه المواقف المدعوة للتصدي هي مواقف المرجعيات الدينية التي طالما وقفت ضد ترويجات الفتنة والفرقة والتقاتل، وهي مدعوة لإدانة مواقف الصغير هذا ومن لف لفه من مثيري الفتن وإلقامه حجرا، لان الموضوع لا يتعلق باختلاف في وجهات النظر وإنما بمستقبل العلاقات بين مكونات الشعب العراقي وتأثيراتها الآنية والمستقبلية.والسيد عمار الحكيم ربما يكون أول من نطالبهم باتخاذ موقف واضح من تصريحات الصغير المثيرة للفتن، خصوصا وان السيد الحكيم معروف بطروحاته الوطنية وعلاقاته الإستراتيجية مع الشعب الكردي، ومطالب بأكثر من موقف إدانة وتوضيح، بل تنظيف بيت المجلس الأعلى من أمثال الصغير الذين يسيئون للمجلس وللسيد عمار الحكيم نفسه.ومطلوب من الكرد والمجتمع المدني العراقي والقوى السياسية الحيّة في البلاد أن يبادروا إلى رفع القضية إلى القضاء، واعتبار ما قاله الصغير تحريضا على القتل وإثارة للفتنة تحت بند 4 إرهاب، لان خطابه بكل المقاييس يعتبر خطابا تكفيريا، لان هناك ربما من يريد أن يستبق الإمام المهدي في قتال "كرد العراق حصريا " ليفوز بالجنة الموعودة.لا مجال للصمت أمام دعوات القتل هذه، والصامتون ليسوا إلا شركاءً لما قاله سيد الفتنة الصغير!!
كتابة على الحيطان: شكراً يا صغير!
نشر في: 15 أغسطس, 2012: 09:26 م