احمد المهناأعتقد ان أمام العرب قرن آخر حتى يضعوا أقدامهم على سكة السلامة. هل هذا برأيكم كثير أم قليل؟ تفاؤل أم تشاؤم؟ أحسب أن تحديد موعد للأمل تفاؤلٌ مهما كان الموعد بعيدا. وهو بالقطع أفضل من يقين "ماكو جارة" بالعراقي أو "مفيش فايدة" بالمصري.
وفي كل الأحوال يتوقف الأمر على ماهية "السلامة" التي تأمل بها أو تتطلع اليها. وهناك أخلاط من الفلسفات ووجهات النظر والآيديولوجيات تتفق على أن "الحرية" هي السلامة. ثم ينفض هذا الاتفاق، ويبدأ الاختلاف والصراع والعراك، عند الدخول في تفاصيل معاني وتمثلات الحرية. ولذلك قالوا أن الشيطان يكمن في التفاصيل.شخصيا أعتقد أن الحرية بالفعل هي سكة السلامة. ولكني أرى معناها من زاوية شديدة التحديد، وهي المرأة. الحرية هي المرأة. كيف تكون المرأة تكون الحرية. المرأة ينبوع الحرية وكمالها في آن. والمرأة تكون كذلك عندما ترتفع الى كيان سام. وهو مقام يأتي من تحررها وتحرر الذكور في محيطها من النظرة الى الأنثى بوصفها موضوعا حصريا للشهوة. وهذه النظرة سائدة حيث تكون المجاعة الجنسية سائدة. والله يكفيكم شرها لأن كل جوع كافر، سواء تعلق بالمعدة أو الدماغ أو الغريزة.والمرأة بنظري كذلك ينبوع السلام وكماله. فالسلام يقترب من البشر كلما أصبحت المرأة مثالا ونموذجا. فحيثما تقدمت الأنوثة تراجعت الفحولة. والعكس صحيح. والأنوثة سكة سلامة والفحولة سكة ندامة. الأولى طريق حرب. والأخرى طريق سلام. ولعل احدى أهم علامات الصحة والعافية في الأزمنة الحديثة هو تقدم تقدير "القوة الناعمة" على تقدير "القوة الخشنة" أو العسكرية. والمرأة في تصوري هي ملهم فلسفة "القوة الناعمة"، بينما الرجل هو صاحب فلسفة "القوة العسكرية". ولم تشع في الأفلام المصرية عبارة "أنا بكره كل الرجالة" عن فراغ. ان المصريين ذوي مزاج سلمي، ولكن التاريخ ابتلاهم في بعض مراحل تاريخهم بهذه النظرة أو تلك من نظريات الفحولة أو الخشونة.والمثل الأعلى الحاكم عموما في نظرتنا هو الرجولة والفحولة والخشونة. وقد جاء في الموروث ان اساس الزواج الناجح يقوم على غلبة القوة الخشنة على الناعمة. قالوا: "ينبغي أن تكون المرأة دون الرجل بأربع وإلا استحقرته، وهي السن والطول والمال والحسب. وأن تكون فوقه بأربع هي الجمال والأدب والورع والخلق". والمال والحسب هما المثلان العلويان في القيم البدوية. ومازالا مقدرين عندنا أكثر من الجمال والأخلاق.وطالما بقيت هذه المعادلة قائمة فإن الأمل معدوم في أن تجد أقدامنا مطرحا لها على سكة السلامة. ومتى ما انقلبت، وتقدم الجمال والخُلُق على المال والحسب، صح الأمل وتعافى الرجاء. وطبعا الجمال ليس مقصورا على المرأة. انه مبثوث في كل ثنايا الوجود. ولكن على رأي لامارتين:" أي جمال في الطبيعة يستطيع أن ينافس جمال المرأة؟". والجمال أيضا هو صناعة الآداب والفنون. ولكن مرة أخرى على رأي شكسبير:" أين الكاتب الذي يرينا جمالا مثل الذي نراه في عيني المرأة؟". أما الأخلاق فهي وجه فرادة البشر بين المخلوقات. الانسان كائن أخلاقي. وجيد أن يشرط أسلافنا المرأة بالأخلاق قبل الرجال. وسيء أن تكون منزلة الأخلاق درجة ثانية. وهي قد تتراجع الى الصفر اذا شد الرجال أسنانهم على القوة الخشنة وأطلقوا الحرب. فالأخلاق أول ضحايا الحروب. وكذلك المرأة.
أحاديث شفوية: ينبوع الحرية
نشر في: 15 أغسطس, 2012: 09:46 م