حازم مبيضين تؤكد عملية اختطاف عدد من السوريين العاملين في لبنان، وانكشاف مؤامرة التفجيرات، التي أوكلتها المخابرات السورية للوزير اللبناني السابق ميشال سماحه، وما يقال عن مشاركة فاعلة لمقاتلين من حزب الله، في العمليات العسكرية للنظام السوري ضد معارضيه، عدم إمكانية الدولة اللبنانية المضي في سياستها المعلنة، بالنأي عن مجريات ما يجري في الدولة "الشقيقة"، حيث تتبدى بوضوح اليوم، آثار حقبة مديدة من التواجد العسكري السوري في لبنان، وهي فترة تم استغلالها بالكامل
لربط الأحداث في البلدين بشكل ذيلي، وبحيث يتأثر وطن الأرز سلباً بكل ما يجري في عاصمة الأمويين، في حين تظل دمشق عصيةً عن التأثر بأي حدث كبير، يجري في الوطن اللبناني الصغير.حتى بعد الانسحاب العسكري، ورغم رفض تيار عريض من الساسة اللبنانيين، ظلت دمشق صاحبة الكلمة الأخيرة في الحدث اللبناني، ذلك أن الواقع يؤكد أن سنوات التواجد الطويلة للعسكر السوريين، أثمرت تغييرات عميقة في بنية الدولة اللبنانية، التي تحولت إلى صورة خالية من المضمون، ويتبدى ذلك بوضوح من خلال اعتماد سياسة تلازم المسارين، التي وضعت البيض اللبناني كله في السلة السورية، ووضعت الساسة اللبنانيين في موقع التابع لموقف دمشق، في كل سياساته العربية والدولية ، كما تغلغلت أجهزة الأمن السورية في مفاصل المجتمع السياسي المتناقض والمتصارع، وأخذت على عاتقها بناء العلاقات البينية بين مختلف التيارات، بهدف ربطها جميعاً بمرجعية واحدة مركزها دمشق، وعنوانها أجهزة الأمن السورية.الاختراق الأكبر للأجهزة السورية، تمثل بالسيطرة على حزب الله، من خلال تحالفها الاستراتيجي مع إيران، وهي الدولة الداعمة والممولة لذلك الحزب، الذي تحول بفضل ذلك الدعم إلى دولة داخل الدولة، واستأثر بما سماه تحرير الجنوب، مقصياً كل الذين قدموا تضحيات جسيمة للوصول إلى هذا الهدف، من القوى اليسارية والعلمانية، التي وجدت نفسها على الهامش، بفضل القوة المضاعفة لذلك الحزب الأصولي، الذي اختطف الطائفة الشيعية، بادعائه تمثيلها والدفاع عن مصالحها، وكنتيجة حتمية لهذه السياسات، أمكن إخضاع الغالبية العظمى من قادة لبنان، واعتبارهم رصيداً قابلاً للصرف، حتى بعد انحسار تواجده العسكري المباشر عن الأرض اللبنانية. اليوم يستعيد اللبنانيون إرهاصات الحرب الأهلية، التي ضربت بلدهم، بفضل ارتباط بعض ساستهم بالنظام السوري، الذي يسعى لتصدير جزء من أزمته الداخلية إلى دول الجوار، حيثما أمكن ذلك، كمرحلة أولى، تليها محاولة جر المنطقة إلى حرب إقليمية، لن تكون في صالحه بالتأكيد، لكنها ستكون تنفيذاً أميناً لفكرة "علي وعلى أعدائي "، وبحيث يكون سقوط نظام البعث في دمشق مدوياً، أكثر مما سلف مع نظيره وتوأمه في العراق، ودائما سيدفع المواطن السوري أولاً،وشعوب المنطقة بالدرجة الثانية الثمن المضاعف من الدماء، وأحلام المستقبل، وسترجع هذه المنطقة عقوداً إلى الوراء، وهي لم تتمكن بعد، رغم ما تخزنه من ثروات هائلة، من اللحاق بركب التقدم المتسارع، الذي مر عليها تاركاً لها القشور. يقف لبنان اليوم، أمام مرحلة جديدة، وقد غصت ساحاته بالطائفية المسلحة، والساسة الذين يضبطون ساعاتهم على توقيت العديد من العواصم الإقليمية والدولية، وعشائر مسلحة تعتمد في حياتها على زراعة الحشيش، وأجهزة مخابرات تمثل كل سياسات الكون، وينتظر انفجاراً هائلاً، تملك دمشق صاعق تفجيره، إلا إن حدثت معجزة في زمن غابت فيه المعجزات.
في الحدث:الأزمة السورية تتفجر في لبنان
نشر في: 17 أغسطس, 2012: 08:11 م