أحمد عبد الحسينأحسب أن كلّ باحث في تأريخ العراق الجديد، خصوصاً في وقائع ما بعد التغيير في 2003 لا يملك إلا أن يجعل من الممثلة المصرية السيدة غادة عبد الرازق مرجعاً له. فهي لها علاقة وثيقة بالساسة العراقيين الجدد، ولها أيضاً آراء فيهم وفي عملهم بحكم قربها منهم. يكفي أن أحد ساستنا من البارزين تزوجها مؤقتاً،
وآخر اضطر إلى بيع بيته المتواضع "الذي تقدر قيمته بستة مليارات دينار" ليصرف عليها ويتودد إليها، وقبل بضعة أيام حدثت لها مشاجرة مع نائب عراقي من دولة القانون عُرف بتقواه وورعه وثقافته وشاعريته وفي جبينه الوضّاء وسم من أثر السجود، ووسم آخر من معركة قديمة لا وقت للحديث عنها الآن.ملخص الحكاية التي نشرها موقع فضائية روسيا اليوم أن النائب الموقر كان في أحد فنادق القاهرة وجاءت السيدة عبد الرازق مع ممثلين وفنيين، فلم يتمالك السيد النائب نفسه وأرسل مرافقه ليطلب منها أن يلتقط صورة معها، باعتبارها مشهورة، مع أني أرى أن النائب أكثر ظهوراً منها في التلفزيون وأشهر منها وأكثر مالاً وإبداعاً في التمثيل. وافقت الممثلة على طلبه لكنها قالت لموقع روسيا اليوم إن النائب جاءها مترنحا بالكاد يقوى على المشي فهو متعتع من السكر وتفوح منه رائحة خمر، وما أن وقف معها ليأخذا صورة حتى وضع يده على كتفها ثم ضمها محاولاً تقبيلها، فحدثت الواقعة.نهرته وشتمته وتدخل مرافقوها ليشتبكوا مع مرافقي النائب فخرجت السيدة غادة عبد الرازق بتصريح يجب أن نحفظه جيداً لأنه صادر من خبير في شؤون ساسة العراق، قالت للصحافة: "الساسة العراقيون في قمة التفاهة والانحطاط". ليس لي إلا أن أتأمل بعمق هذه المقولة الرازقية الخالدة التي تستفز وعينا نحن العراقيين، فالسيدة الممثلة المصرية بعد أن تزوجها سياسي عراقي سراً وتقرب لها آخر بماله وأراد ثالث أن يتحرش بها، أدركتْ حقيقة السياسيين عندنا وهو ما لم ندركه بعد رغم أنهم آذونا وضحكوا علينا وسرقونا وأدخلونا في حرب أهلية وباعوا دولتنا للدول المجاورة، وتركونا في واد غير ذي ماء ولا كهرباء وجلسوا في جنتهم في المنطقة الخضراء، رغم هذه الويلات وسواها كثير ما زال لدينا أناس "مثقفون وواعون" لم يصلوا إلى هذه الحقيقة البسيطة التي قالت غادة عبد الرازق بشجاعة ووضوح : إنهم في قمة التفاهة والانحطاط.قبل سنتين كتب حازم صاغية اللبناني الذي أعشق ما يكتب عموداً ابتدأه بهذه الجملة "السياسيّ العراقيّ تافه"، يومها أخذت مني هذه الجملة مأخذاً فكتبت بالبريد الإليكتروني إلى الأستاذ صاغية أعاتبه على قسوته وتسرعه في إطلاق النعوت.بعد حادثة الحسناء والوحش، أقصد حادثة غادة عبد الرازق والنائب التقيّ العابد الدولتي القانوني الزاهد السكران، وجب عليّ أن أكتب اليوم رسالة إلى صاغية لأعتذر له عن سوء فهمي وأشكره على دقته في اختيار صفاته، ورسالة أخرى إلى السيدة غادة عبد الرازق أتمنى عليها أن تحتفظ بذكرياتها عن ساسة العراق لأنها ستكون مادة دسمة لأي بحث جاد يتعلق بتأريخ العراق الجديد.
قرطاس: عراق غادة عبد الرازق
نشر في: 24 أغسطس, 2012: 06:48 م