TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > رجل المستقبل غادرنا مسرعا إلى خلوده

رجل المستقبل غادرنا مسرعا إلى خلوده

نشر في: 24 أغسطس, 2012: 06:54 م

■ لطفية الدليميأود ان أقول لأخي النبيل كامل شياع وهو يؤكد حضوره الساطع في ذاكراتنا وأحزاننا: لن نخذل احلامك لآنها أحلامنا جميعا وأحلام أناس كثر لاتعرفهم لكنهم يقيمون في حلم المستقب... ل، في الأقل سنواصل قول الحلم بالكلمات ونحلمه بلا توقف ليلنا والنهار..
 لن تجرفنا دوامة القنوط برغم أن عالمنا يفتقر إلى الانسجام والتوازن، ولن نركن قط إلى اعلان المراثي بل نواصل مسعانا لتعزيز معان جديدة وأخلاقيات مختلفة للسياسة الثقافية والغد الثقافي على هدي افكارك..كنت تحلم بالمستقبل وتخطط لخارطته المضيئة لآنك تؤمن بالعلم وسط هيولى التداعيات وانهيارات القيم وكثافة الرعب وبين بشر لايؤمنون إلا بالثواب و الإفلات من الجحيم، ولانك ولأننا نؤمن بقيمة الحاضر كنا نرى حلم المستقبل مؤسسا على مانستنتجه من حاضرنا، فلا نمضي أبعد من معطيات واقعنا وقدرات الناس، أما من ينشدون الجنة بعد موتهم فانهم يضحون بالحاضر من أجل خلاصهم الفردي حسب دون الالتفات لأحلام الآخرين وحاضرهم وهذه هي عقدة واقعنا التراجيدية التي نعرفها جميعا.. بوسعنا – على ضوء الكثير من أفكارك -أن نؤسس لعلاقات إنسانية تفهم حقيقة الحياة و الموت، ولكنها لا تلغي الحاضر ولاتتنكر للمستقبل، كنا نعرف أن حضورك وسط هذه الفوضى إنما هو حضور في الزمن الخطأ والمكان الخطأ ووسط الحشود الخطأ التي لاتملك أي تصورات عن الحاضر والغد فهي أسيرة التاريخ وفكرة الثواب والعقاب فلا تدرك خطورة ان لاتحلم ولاتملك إلا حلم التضحية وتعذيب الذات لتضمن سعادة مابعد الرحيل.. ستقوم الانسانية فينا وإن طال الأمد وستواصل صنع تصوراتها عن الغد 0 وتنهض من سبات الوهم و تقدر الحاضر كقيمة كبرى عندما ينجح أمثالك – وهم ندرة - في اجتياز بركة الظلمات والظلال العتيقة فيتغير مفهوم شعوبنا عن الزمن والمستقبل والحياة والموت..أتيت أيها الصديق إلى أرض الجحيم وفي حقيبتك سِفرُ من الرؤى ووراء خطوتك يركض حلم أوسع من طاقة مجتمع بلا حاضر وأكبر من أن تخضعه ا لتجاذبات السياسية لأحكامها المربكة، اتيت مجنحا بألف فكرة وحلم لكنك في غفلة من محبيك وأصدقائك دخلت غسق الحلم قبل أوان الشروق، وعبرت مأزق الزمن العشوائي قبل أن يتحدد أي معنى أو توصيف لفكرة الزمن في بلادنا،كنت تدرك غياب النظرة الموضوعية او العقلانية للواقع، وكنت ترى الجموع تُستنفر وتستهلك الزمن - ليس في انتاج قيم جديدة واكتساب معارف معاصرة ووضع خطط للمستقبل كما كنت ترجو في حلمك الشاسع، بل لنيل ثواب الآخرة حسب، متخطية حاضرها ولاغية غدها لأنها لاتملك أية فكرة عن علاقتها في أي زمن إلا زمن الاسطورة والابدية.. حلمك المستقبلي كان يسحبك بإيقاع متسارع نحو بوابات الغد و صرت تعدو في المتاهة وبوصلتك فكرة مثالية عن البشر ورؤية أنموذجية عن الوطن وبعض ضرورات الواقع، رأيناك تحث الخطى وسط عتمات البلاد التي لم ينبثق بعد ضوء نجاتها أو نور خلاصها وانت ترش بذور النور في مشاريع وخرائط لم يقيض لها ان تنال فرصة التحقق.. عالمنا الموغل في توحشه،وانساننا المحكوم بتفكك مجتمعه وغياب مفهوم محدد للزمن لدى الموهومين بتطبيق الديموقراطية على المثال الغربي، ديموقراطية بلا حاضر وبلا رؤية مستقبلية لان أناسها ومادة اشتغالها بشر يشيحون عن حاضرهم سعيا وراء بلوغ الثواب، هذا المجتمع وذلك العالم لم يكن مؤهلا بعد ليتقبل رجالا حالمين بالمستقبل من طرازك، رجالا من صناع اليوتوبيا الثقافية والفكرية، أبدا لم تكن الأرض لتمنح سلاما لأمثالك وهي تشتعل تحت اقدام الجميع ولم يكن الوطن قابلا للوقوف على بوابات التاريخ الجديد للانسان، عندما توهم البعض من حولنا أن التاريخ أنتهى، وان بدايات جديدة سوف تقوم على انقاض ذلك التاريخ المنظور إليه بنظرة لاتحسب حساب تعقيدات واقعنا وهيمنة الماضي على عقول الجموع، ففقدنا بهذا بوصلة السيرورة الحقيقية لمجتمع ينوء تحت ثقل التاريخ وثارات الطوائف،و عندما سقطت الدولة سقط الشعب معها في احضان الفوضى وزمن التشوش فلم تكن ثمة مشاريع لما يعقب التغيير، ولم نعد نجد حدودا فاصلة بين خرائط الأمس وخرائط اليوم، ومعظم الذين أتوا كانوا يحملون خرائط تخص شهواتهم لاخرائط أحلامنا كما كنت تفعل، وشتان بين خرائط الشهوات والمغانم وبين خرائط ا احلامك الكبرى، فنحن في بلادنا نصر على امتلاك حقائق ثابتة يحظر مناقشتها أو المساس بها، فكيف لنا أن نجترح تاريخا جديدا ونحن نتمسك بيقينات مسبقة وثابتة عن الحياة والزمن؟؟صديقنا العزيز، كنت تعلم أننا لا يمكن ان نملأ فراغات العالم المتوحش الدموي بأحلامنا الجميلة دون أن نوفر لها الحماية من مخالب الوحش وأنيابه، وكنت تدري أن البشر في هذه البلاد لطالما عانوا من (الإخضاع) المتواصل طيلة قرون وأن تغيير شكل النظام إلى نظام مختلف سيتم عن طرق إخضاع مختلفة بأقنعة ديموقراطية هشة، فالإنتخابات وحدها لاتصنع بلدا ديموقراطيا ولاشعبا واعيا بقيمة وجوده وحاضره ولابد من إشاعة التعليم الحديث والمعارف الحديثة عبر المشروع الثقافي الذي اعلنت خارطته - بنفس الوتيرة لتترسخ الديموقراطية، أما وأننا نعيش الزمن التاريخي الماضوي بكل مطالبه وتقاليده وانصياع الجموع ورضوخها له، فأننا بذل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram