TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: الإبراهيمي إذ يبدأ بالنفي

في الحدث: الإبراهيمي إذ يبدأ بالنفي

نشر في: 24 أغسطس, 2012: 07:00 م

 حازم مبيضينقبل أن تطأ قدماه أرض الشام, ويلتقي أياً من طرفي معادلة الأزمة السورية, وجد المبعوث الأممي العربي المشترك إلى سوريا, الأخضر الإبراهيمي نفسه أسير نفي ما نسب إليه من تصريحات أغضبت المعارضة, بقوله إن من المبكر الحديث عما إذا كان يجب على الرئيس السوري بشار الأسد أن يتنحى،
وهو ما اعتبرته المعارضة استهتاراً بحق الشعب السوري في تقرير مصيره، وأن الشعب هو المخول الوحيد بتحديد من يحكمه وطريقة هذا الحكم, وما هي إلا ساعات حتى انتقد النظام السوري حديث الإبراهيمي عن حرب أهلية طاحنة في سوريا، وطالبته دمشق بالتمسك بالإطار الذي حدد لسوريا, إن كان يريد النجاح لمهمته, ويريد تعاون الحكومة السورية, وأكدت أنه ليس من صلاحيات أي دولة أو مبعوث دولي, الحديث عمن يدير سوريا.جاء تعيين الإبراهيمي بهدف معلن, يتمثل بإيجاد أرضية مناسبة لحل سلمي للأزمة السورية, يبعد عنها شبح الحرب الأهلية, بعد استقالة سلفه, الذي وجد نفسه عاجزاً عن التقدم خطوةً واحدة, بسبب تباعد أهداف طرفي الصراع وتعنتهما, إضافة إلى عدم توافق الكبار في مجلس الأمن، والمبعوث الجديد يسعى للتعامل بشكل مغاير لعنان, من حيث المقاربة وطريقة التعامل, وهو يرفض الدخول إلى الأزمة من بوابة الأمن, ويفضل طرق باب الأزمة سياسياً, ما يطرح مجموعةً من الأسئلة, من قبيل هل حان وقت التسوية، وهل وصل الصراع المسلح إلى طريق مسدود, واستنفد طرفاه كل عناصر قوتهما؟ أم أن نتائج المعارك التي احتدمت في كل بلاد الشام دون تحقيق انتصارات حاسمه, تسمح بطرح حلول سياسية قابلة للحياة؟, والسؤال الأكثر أهمية يتعلق بقناعة اللاعبين القريبين والبعيدين, بضرورة تغيير قواعد اللعبة بعد أكثر من سنة ونصف السنة من القتال, نجم عنها بالتأكيد تراجع سطوة النظام وتقلص سلطته, في حين هد التعب خصومه, من تجاهل المجتمع الدولي معاناتهم، ومن تشتت قواهم السياسية والعسكرية. النظام السوري خسر معركته السياسية, بعد تبنيه مقولة إنه يقاتل مجاميع إرهابية, وإنكاره حق مواطنيه بالمطالبة بحقوقهم, وخسر أيضاً قدرته على حسم المعركة العسكرية, وهو انتقل إلى مرحلة جديدة تتمثل بمحاولة نقل أزمته إلى خارج الحدود, فالصراع الطائفي في لبنان انتقل من التراشق الإعلامي, إلى التراشق بنيران الأسلحة, وليس ذلك ببعيد عن تفاعلات ما يجري في سوريا, والحدود مع الأردن مرشحة لانفجار كبير, يتناسب مع حجم وأعداد الفارين بجلودهم, والمسألة الكردية تطرق بوابات تركيا, والهدف واضح, يتمثل في نقل الأزمة إلى خارج الحدود لتعميم الفوضى, وإشعال الصراع الطائفي والمذهبي في كل الإقليم, بما يهدد السلم العالمي.هنا تحديدا تختلف زاوية النظر إلى هذه المحاولات, فالأزمة إن باتت واقعاً إقليمياً, ستشكل مصدر قلق لخصوم دمشق وأصدقائها على حد سواء, فاللاجئون مشكلة قابلة للانفجار في حضن الدول التي تضيفهم, وهي جميعا مثقلة أصلاً بمشاكلها الداخلية, وحتى إيران وهي حليف أساسي لنظام الأسد, فإنها تقع تحت ضغط ديموغرافيتها الفسيفسائية المقلقة, إضافة للصراعات المحتدمة بين أجنحة الحكم المتباينة الرؤى والأهداف, ويعني هذا أنه لم يعد بمقدور النظام رفض شروط أي تسوية قد يتبناها حلفاؤه الإيرانيون أو الروس والصينيون,  وهم بالتأكيد يفتشون عن مصالحهم قبل أخلاقيات الصداقة وشعارات الممانعة.والسؤال هو هل سيكون بمقدور أي دبلوماسي مهما تعددت قدراته ومواهبه أن يتنقل بين كل هذه الحقول الملغومة, أم أن مهمة الإبراهيمي ستظل تراوح بين النفي والاعتذار ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram