عباس الغالبي ثنائية النفط والكهرباء في العراق ما زالت مثيرة للجدل في ظل النقص الحاد في إنتاج الطاقة الكهربائية، ومستوى الإنتاج الخجول للنفط على الرغم من إقدام الحكومة على إبرام عدد من عقود الخدمة في مواقع نفطية وغازية متفرقة في العراق تحت مسمى جولات التراخيص.
وعلى الرغم من إنفاق مبالغ طائلة قدرت بحوالي 27 مليار دولار لقطاع الكهرباء فقط، فما زالت تحتاج إلى عصا موسى السحرية ، ونقولها بمنتهى الصراحة كمتابعين لهذا المشهد بدقة إن العائق ليس فنياً ولوجستياً بقدر ما هو سوء تخطيط وفشل ذريع لوزارة الكهرباء في إدارة هذا الملف وفساد مالي وإداري يزكم الأنوف من دون علاج رادع من قبل المؤسسات الرقابية .ولم يبق في قوس الصبر منزع للمستهلكين لينتظروا وعوداً فارغةً جوفاء يطلقها المسؤولون على اختلاف مستوياتهم وأصنافهم، حتى غدت تصريحاتهم تلك محض أكذوبة أو نكتة تفنن العراقيون في صياغاتها ، ولم نر في الأفق معالجات حقيقية من شأنها تذليل تداعيات ومصاعب هذه الأزمة المتفاقمة ، باستثناء معالجات ترقيعية لا تجدي نفعاً .ولا بد أن نشير هنا إلى اللجنة الوزارية المشرفة على قطاع الطاقة والتي يقودها نائب لرئيس الوزراء خصصت مهمته بالإشراف والمتابعة وبصلاحيات كبيرة ، نقول إنها فشلت هي الأخرى في إدارة ملف الطاقة بشقيه الكهرباء من جهة والنفط والغاز من جهة أخرى، بل ان الرؤى والاستراتيجيات الخاصة بهذا الملف لم تحقق مؤشرات نجاح واضحة في ظل الإصرار عليها والانصراف في أحايين كثيرة من المهمة الفنية والمهنية إلى التصريحات السياسية التي تخلق الأزمات وتجعل الهوة واسعة بين أصحاب القرار من الطبقة السياسية والتي عادة ما تتزامن مع الخلافات السياسية الكبيرة السائدة حالياً في البلد .وعندما نتحدث عن الأرقام فإنها الطامة الكبرى ، فالصادرات لم تتجاوز حاجز الثلاثة ملايين برميل يومياً على الرغم من الوعود التي أطلقها المسؤولون الحكوميون وعلى رأسهم وزير النفط السابق ونائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الحالي الدكتور حسين الشهرستاني إبان بدء جولات التراخيص الأولى والثانية خلال عامي 2009 و2010 وما تلاهما في جولة التراخيص الثالثة ببلوغ الصادرات أكثر من 3 مليونات برميل يوميا خلال عام 2012 وتصاعدها بشكل تدريجي خلال الأعوام اللاحقة ، اما الطاقة الكهربائية فما زالت أقل من 10 آلاف ميكاواط والحاجة الفعلية حوالي 16 – 17 الف ميكاواط .ومن هنا نرى أن تمتلك الحكومة شجاعة كافية للاعتراف بفشل القطاع العام في ملف الطاقة وإحالته الى القطاع الخاص عن طريق الاستثمار الأجنبي لاسيما في قطاع الطاقة الكهربائية ، لحساسية قطاع النفط والغاز والجدل المستمر بين الشركاء حيال المواد الدستورية الخاصة بملف النفط والغاز ، حيث لا بد من دراسة هذا التوجه بجدية وبسرعة والاستعانة بالخبرات الوطنية والأجنبية المتخصصة بهذا الملف والاتجاه إلى الاستثمار الأمثل بدلاً من الترنح واللوذ خلف التصريحات والوعود الباهتة .
اقتصاديات :ملف الطاقة يترنح!
نشر في: 25 أغسطس, 2012: 07:05 م