حازم مبيضينلا يعرف أحد حدود الصلاحيات التي منحت نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل حق الحديث عن إمكانية بحث تنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة على مائدة حوار بين النظام ومعارضيه, خصوصاً وأن الجميع على اطلاع بأن مشاركته في الحكومة ليست أكثر من ديكور
للإيحاء بمشاركة معارضين يساريين في حكومة لا تملك من القرار السياسي شيئاً وتنحصر مهماتها في القيام ببعض الخدمات, وهذا الحال مستمر في سوريا منذ عقود, ولسنا هنا بصدد انتقاده بقدر ما نؤشر على واقع يعرفه الجميع ولا يمكن إنكاره أو التغاضي عنه, والمهم أن تصريحه هذا يأتي في ظل شكوك كبيرة في احتمال إجراء مشاورات حول استقالة الأسد.ما يفقد تصريحات جميل قيمتها أنه أكد خلالها أن وضع التنحي كشرط قبل بدء الحوار يعني ضمناً إقفال طاولة الحوار قبل بدئها, ما يعني أيضاً أن المعارضة لن تعنى بها أو تتعامل معها, فإذا أضفنا إلى موقف المعارضة الدعم الأميركي لهذا الموقف أمكننا الاستنتاج أن تلك التصريحات ستظل زوبعة في فنجان, ما يفسر عدم الاهتمام بها من قبل النظام السوري, ولو من قبيل التعامل الإعلامي مع تصريح لنائب رئيس الوزراء, وهو ما يشي بحجم الرجل في النظام السوري.المجتمع الدولي " باستثناء روسيا والصين وإيران " ودول هامشية قليلة العدد, تفتقر إلى القدرة على الفعل والتأثير, يطالب بالسير في خطط تنتهي بانتقال السلطة, والحديث الذي يدور حول استعداد دمشق لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة, يشارك فيها الأسد, ليست أكثر من شراء للوقت, على أمل تغير المعطيات التي لن تتغير, فالمعارضون وضعوا نصب أعينهم إطاحة الأسد وحكم الحزب الواحد, المهيمن على كل مفاصل الحياة, وما ينتج عن ذلك من فساد, والعالم توصل إلى قناعة بضرورة تغيير النظام, المستمر منذ أربعة عقود من الجمود, الذي رسخ أنماطاً من فساد أركان السلطة,وهو نظام لعب بكل الأوراق داخلياً وإقليمياً ودولياً ليتمكن من الاستمرار في الحكم والسلطة, وبات واضحا أن العالم يتطلع إلى سرعة رحيل النظام, للانتقال سريعا إلى اليوم التالي للقيام بعملية انتقالية في سوريا.وإذا كانت الولايات المتحدة استبعدت حتى اللحظة التدخل العسكري في سوريا, فإن الرئيس أوباما حذر مؤخراً النظام السوري من نتائج استعمال أو نقل أسلحته الكيميائية, مهدداً بعمل عسكري في هذه الحالة, التي اعتبر تجاوزها خطاً أحمر, وإذ نثق أن الموقف الأميركي لا يتعلق بمصلحة الشعب السوري بالدرجة الأولى, قدر تعلقه بأمن إسرائيل, فإننا نتطلع إلى النتائج وليس المبررات, وهو ما ردت عليه موسكو بالقول إن المصالحة الوطنية هي السبيل الوحيد لوقف إراقة الدماء في أسرع وقت, وإيجاد الشروط ليجلس السوريون إلى طاولة المفاوضات, لتقرير مصير البلاد من دون أي تدخل أجنبي, وكأن هذا الموقف ليس تدخلاً أجنبياً, إلا إن كان الروس يعتبرون أنفسهم شركاء في حكم السوريين. قدري ليس العنوان المؤهل للحديث عن مصير الأزمة السورية, وهو بالتأكيد ليس مشاركاً في القرار السياسي, المقصور على نخبة منتقاة لن يحظى بالمشاركة فيها شيوعي سابق, حتى لو انتسب إلى البعث.
في الحدث: قدري ومصير الأسد
نشر في: 25 أغسطس, 2012: 08:41 م