اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > بلا زعل..آخر الحصون

بلا زعل..آخر الحصون

نشر في: 27 أغسطس, 2012: 06:20 م

د. جليل وادي هل سيكتب للتيارات والأحزاب الدينية التي وصلت إلى السلطة في البلاد العربية النجاح في إدارتها هذه البلدان ، وهل سيكون بمقدورها تغيير الواقع إلى ذلك الحلم الذي تتطلع إليه الجماهير العربية التي قاست الويلات من التجارب الفاشلة للأحزاب الليبرالية والقومية؟ أظن أن هذا واحد من أسئلة المرحلة التي مازال الربيع العربي يعصف بها من دون أن ندري إلى أين سيفضي ، الربيع لم ينته بعد ، لكن الأسئلة تترى.
ومع أني أكاد أجزم بأن حال الأحزاب الدينية في الحكم كحال نظيراتها الليبرالية والقومية ، ستقضي على ما تبقى ، وحتى لو قدر لأحدها وحالفه النجاح ، فإن الجهات التي ستسعى لإفشاله هي ذاتها التي مهدت له الطريق للوصول إلى السلطة تحت لافتة الديمقراطية بوساطة الإعلام العابر للقارات الذي غدا اليوم السلطة الأولى حارقا مراحله ليقفز من السلطة الرابعة إلى الأولى مباشرة.التيارات الإسلامية التي كانت إلى وقت قريب مبعث قلق للغرب الذي تشغل منطقتنا مساحة كبيرة من اهتمامه ، صار اليوم غير ممانع من وصولها السلطة، بالرغم من إدراكه قوة تأثيرها في الجماهير ، ذلك التأثير المستند إلى رصانة مرجعيتها، وقدسية الكثير من المفاهيم التي تتداولها ، وشعاراتها المغرية ، وبدا وكأن الغرب لم يعد يخشاها ، وهذا أيضا من الأسئلة التي تراود الكثيرين .إن التيارات الإسلامية هي آخر ما تبقى من الحصون بعد تداعي الحصون العربية الواحد تلو الآخر ، ولم يعد من أمل إلا فيها ، لكن فشل هذا الحصن في الارتقاء بواقع الحياة العربية يعني بلوغ اليأس في الإنسان العربي مبلغا ، عند ذاك نقر دونما تردد بأننا نعيش عصر الانحدار والانحطاط . لأننا جربنا جميع السبل ، وأفضت كلها إلى لاشيء ، وهذا ما يريده الغرب تحديدا . إن انتقال التيارات الإسلامية من ساحات المعارضة إلى ميادين الحكم ، يتطلب منها عمل الكثير، ومن العمل ماهو ممكن ، ومنه ماهو مستحيل ، ومن المستحيل ما قتل ، ومنه أنها مبنية على فكرة الوصاية ، والوصاية لا تستقيم مع الحريات العامة والخاصة ، والذي لايستقيم مع الحريات لايستقيم مع الديمقراطية ، ومنه أن عليها أن تتكيف مع مقتضيات العمل السياسي بصرف النظر عن الطرف السياسي الآخر ، وبعض العمل السياسي يتناقض مع أيديولوجيتها ، وهكذا هي مع الفن ، و المرأة وغيرها ، فإن هي تكيفت فقدت ثقة الجماهير بصدقيتها ، وإن هي غايرت جعلها ذلك في صراع مستديم مع الآخرين ، ومن الآخرين قوى دولية لاتريد للعرب أن يبلغوا مكانتهم الإنسانية ، أو يلعبوا دورا فاعلا في الحياة المعاصرة  ،  فهل هي من الحنكة التي تجعلها توفق بين الاثنين ، أشك في ذلك .ونحن الجماهير الذين لم نتعلم بعد ، ونسبة الأميين فينا ثلاثة أضعاف المتعلمين ، ولكن قُدر لنا أن نعلي من نعلي ونحط من نحط ، وقد أثبت التاريخ أننا لم نختلف في شيء قدر اختلافنا في الدين ، لذا فعلى أيدينا ، وبقيادة من اخترنا ستظهر دولة الطائفة ، وعند ذاك قد تتشوه الأفكار في عقولنا ونظن أن الخلل ليس في التيارات الإسلامية، وليس فينا، بل هو في الدين ، وهذه هي الكارثة .صورة الإسلام تشوهت في العالم ، ويراد لها أن تتشوه أكثر ، وامتد التشوه إلى ديارنا، ونحن لانعرف للاعتدال طريقا، ولا كيف نحسن من صورة هذا الجبل الشامخ ، وكلما أمعنت أنوف رجال الدين في السياسة ازداد تشوه الصورة، وإن نصحتهم وصفوك بالمرتد وطبقوا عليك الحد . إنهم يعرفون تماما أن الغرب يستهدف الإسلام ،لأنه الوحيد الذي بمقدوره لمّ شتات هذه الأمة ، والوحيد الذي يجعلها قادرة على النهوض واستعادة أمجادها ، وأقصد إسلام التسامح والفضيلة والحرية والعدالة ، وليس إسلام المفخخات والعبوات الناسفة وتيتيم الأطفال وترميل النساء في عز الشباب ، كما يدركون أننا سنختلف بشأنهم ، وسيأخذ الخلاف بمنظورهم صورة الصراع بين الكفر والإيمان ، بين الرذيلة والفضيلة ، ومثل هكذا صراع سيجعل الفرصة سانحة لكل من يريد بنا شرا ،  كل ذلك يدركونه  لكن طمع الدنيا ألهاهم عن طلب الآخرة .دعهم يحكموا ، ومن حقهم أن يأخذوا فرصتهم التي لطالما حرموا منها ، فقد دفعوا في ما مضى من الأثمان أبلغها ، وسنغض الطرف عن كيفية اغتنامهم الفرصة سواء بركوب موجة انتفاضات الشباب ، أو المسير في أفياء المحتل ، أو بمساندة الفضائيات التي غدا بعضها دولا ، المهم أنهم اغتنوا الفرصة ، والفرص لاتعطى وإنما تغتنم ، هكذا يقول التاريخ، لكننا نريد تذكرتهم بأمرين ونحن في بداية الطريق: أن لايسجنوا الحاضر بالماضي، وأنّ للمستقبل هويته المميزة ، وهذا يكفي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram