TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: الأردن.. وطن اللجوء

في الحدث: الأردن.. وطن اللجوء

نشر في: 29 أغسطس, 2012: 09:24 م

 حازم مبيضينعانت الدولة الأردنية منذ إنشائها, من مشكلة اللاجئين الذين يتدفقون إلى أراضيها من دول الجوار, بحكم الظروف التي تجبرهم على ذلك, بدأ ذلك مع الأشقاء الفلسطينيين الذين غادروا وطنهم عام 48 من القرن الماضي, على أمل عودة سريعة تؤمنها لهم الجيوش العربية, أقيمت لهم مخيمات " مؤقتة " تحولت فيما بعد إلى أحياء أصيلة داخل المدن,
 وتبع ذلك موجة من النزوح عام 67, بعد الهزيمة التي منيت بها الجيوش العربية في حرب حزيران, أقيمت مخيمات تحولت سريعاً إلى مدن جديدة على خارطة الأرض الأردنية, كان اللاجئون الجدد من أهل البيت, فهم يحملون الجنسية الأردنية التي اكتسبوها بعد وحدة الضفتين, وفي الحالتين كانت الأعباء كبيرة على جغرافيا الضفة الشرقية, الخالية من أية موارد طبيعية, بما في ذلك المياه, التي تعتبر العصب الرئيس للحياة.على يد صدام حسين وبسببه كانت الجغرافيا الأردنية مسرحاً لأكثر من هجرة, بدأت بهروب معارضيه إلى الدولة المجاورة, وكانت السياسة الأردنية متسامحة مع وجودهم, باعتبارهم ذخراً لما بعد صدام, تبعتها عودة مئات آلاف الأردنيين والفلسطينيين من دول الخليج بعد غزوه لدولة الكويت, كان هؤلاء استقروا هناك وشكلوا مصدر دعم للاقتصاد الأردني الهش, ورفعوا فوق ذلك عن الدولة الأردنية أعباء رعايتهم وتأمين سبل العيش لهم, وقد عادوا صفر اليدين, وتبعهم مئات آلاف العراقيين هرباً من بطش نظامهم, الذي تحول إلى ذئب جريح, بفعل العقوبات الدولية, فاستأسد على مواطنيه, الذين وجدوا في الجغرافيا الأردنية متسعاً لأوجاعهم, وما أن عاد الكثير منهم بعد سقوط صدام والبعث, حتى تدفقت أعداد جديدة من الفارين من نظام  الحكم الجديد, أو من الفوضى التي سادت بلاد مابين النهرين, وظلت الدولة الأردنية تفتح أبوابها للأشقاء, تقديراً منها للظروف التي أجبرتهم على ترك أوطانهم.يواجه الأردن اليوم وهو مثقل بأزمة اقتصادية خانقة, تكاد تعصف بكل إنجازاته, موجةً جديدةً من الهجرة, حيث يتدفق آلاف السوريين الفارين بجلودهم من الحرب الأهلية التي تطحن وطنهم, ويجازفون بعبور الحدود بشكل غير شرعي, تطاردهم قوات النظام السوري, ويستقبلهم الجيش الأردني في محاولة لإسكانهم مخيمات أقيمت على عجل في مناطق صحراوية, وهي تفتقر إلى أبسط الاحتياجات الإنسانية, وفيما يقف العالم الذي يتشدق باكياً على أحوال السوريين متفرجاً, فإن الأردن يجد نفسه تحت ضغط ووطأة تأمين حياة هؤلاء الأشقاء, الذين يسعى بعضهم اليوم للعودة إلى جحيم الحرب في وطنهم هرباً من جحيم مخيمات اللجوء.يثير الاستغراب مطالبة بعض اللاجئين بحياة " خمس نجوم ", ووصل الأمر إلى اعتداء هؤلاء على رجال الأمن الأردنيين, المكلفين بحماية أمن المخيم وسكانه, وإذ يتحدث البعض عن تسلل مؤيدين لنظام الأسد بين اللاجئين, بهدف التنغيص على معارضيه حتى بعد لجوئهم, فاننا نستطيع تفهم مثل هذه التحركات, صحيح أن بعض اللاجئين يطلبون الانضمام إلى أقارب لهم من الأردنيين, ولهم حق في ذلك, لكن من حق الدولة الأردنية وواجبها, التدقيق في هذه الحالات, خشية تسلل موالين للنظام إلى داخل البلد, بهدف القيام بأعمال تخريبية, لإثارة الفوضى في وطن يعيش حالة من التململ, على وقع الرياح العاتية للربيع العربي, خصوصاً وأن على رأس السفارة السورية في عمان, رجل أمن متمرس, مستعد للقيام بكل ما أمكن خدمة للنظام الحاكم في سوريا.نتعاطف مع كل اللاجئين السوريين, ونتفهم احتياجاتهم, غير أن ذلك لن يمكننا من استيعابهم, إن لم يتحرك المجتمع الدولي لمساندتنا في هذه المهمة الإنسانية بالدرجة الأولى, فالدولة التي تؤمن رواتب موظفيها شهراً بشهر, ليست قادرة على تأمين متطلبات حياة عشرات ألوف اللاجئين, وإذا كانت تركيا بما يتوفر لها من أسباب القوة الاقتصادية, أعلنت الاكتفاء باستقبال 100 ألف لاجئ, فإن الاردن ولاسباب إنسانية وسياسية, لايستطيع تحديد أعداد اللاجئين الذين تتصاعد وتيرة عبورهم للحدود يومياً, رغم كل الأخطار التي تلاحقهم في رحلة اللجوء, والحل لهذه المعضلة يكمن في قيام المجتمع الدولي بواجبه تجاه هؤلاء سواء في الأرض الأردنية التي تضمن حمايتهم, أو بإنشاء مناطق آمنة في وطنهم ترفع عنهم وعنا أعباء اللجوء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram