اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > حين ينتحر السياسي!

حين ينتحر السياسي!

نشر في: 31 أغسطس, 2012: 07:35 م

سليمة قاسم تشكل النظام السياسي الجديد على أنقاض حكومة صدام التي هيمنت على مقاليد الحكم لأكثر من ثلاثة عقود، وكما هو معروف فإن أغلب شخصيات هذا النظام، جاءت من  الخارج، ومن أحزاب اشتهرت بمقارعة النظام المباد وقادت حركة المعارضة ضده بالتعاون مع الدول الكبرى لإسقاطه، وتمت الاستعانة لاحقا بشخصيات تنتمي لتلك الأحزاب من الداخل، أو على أساس صلات عائلية وقرابة.
وكما يقال، بأن  لكل زمن رجالاته، فدعونا نتحدث عن رجالات زمن بعد التغيير، ولا نقصد النواب فقط، بل المسؤولين التنفيذيين، من وزراء ومحافظين ورؤساء هيئات مستقلة، وغيرهم، وتسليط الضوء على أدائهم منذ دخولهم معترك العمل السياسي وحتى الآن، وهل يصح أن نقول عنهم أنهم سياسيون؟فالسياسي يجب أن يمتلك القدرة على المراوغة وتجنب الصدام المباشر وأن يكون ذا نظرة ثاقبة وبعد في النظر وقدرته على  كسب اكبر وقت ممكن لتحقيق أهدافه، والتمتع بخطاب عقلاني وموضوعي، والابتعاد عن التصريحات الاستفزازية، وهي أمور يفتقر إليها أغلب المسؤولين في الحكومات التي تشكلت بعد التغيير، وكان خطابهم غير متزن وبمثابة صب الزيت فوق النار، ناهيك عن  انعكاساته السلبية على الشارع وتأثيره في عامة الناس. فضلا عن تأرجح مواقفهم بين الحين والآخر، وتراوح  أدائهم بين الاستقواء بالخارج وافتعال الأزمات والتسقيط السياسي واللجوء إلى حلول مرحلية مؤقتة لاتحل المشكلة، دون أن يدركوا أن تلك الأساليب قضت على مستقبلهم السياسي، وحكمت عليهم بالانتحار!ولا بد من القول إن الكثير من المسؤولين انتحروا مبكرا حين هربوا بأموالهم الطائلة بعد ثبوت تورطهم بقضايا فساد أو أعمال إرهابية. وما بين الهروب الأخير للهاشمي نائب رئيس الوزراء، وأول هروب لحازم الشعلان  وزير الدفاع في حكومة علاوي تطول قائمة المسؤولين الهاربين من نواب ووزراء ورؤساء هيئات مستقلة ، وان تلك القائمة قابلة للزيادة ما دام مسؤولونا يحملون جنسيات مزدوجة تتيح لهم الهرب متى ما أرادوا ذلك، لا سيما وأن سيناريو الهروب يتكرر في كل مرة مع تغيير طفيف في بعض أجزائه. ترى ما الذي يدفع السياسي إلى الانتحار المبكر والتضحية بمستقبله السياسي؟ قد تكون الأسباب ذاتية تتمثل في قلة خبرة بعض المسؤولين في الشأن السياسي،  ونظرة البعض الآخر منهم إلى السلطة كغنيمة نظرا للامتيازات المادية الضخمة التي يحصلون عليها، فضلا عن هشاشة الأحزاب السياسية التي خرجوا منها وضعف تنظيماتها وعدم وجود نظام انتخابي فيها، والفردية في اتخاذ القرارات. فالحزب هو أول مصنع سياسي للزعيم ثم البرلمان أو المجتمع المدني، ولم يتأثر النواب بفاعلية الحياة النيابية بل بالكتل التي ينتمون إليها وتقوقعوا في قنواتهم الحزبية الضيقة بدلا من التعبير عن احتياجات الشعب.وبما أن هناك حوالي ثلاثة عشر نائبا متهمين بقضايا إرهاب، باعتراف   المالكي، فضلا عن عشرات المزورين من النواب، وعن تورط مسؤولين كبار في قضايا فساد، فهذا يعني أن معظم الساسة الموجودين في الساحة السياسية قضوا على مستقبلهم السياسي  وحكموا على أنفسهم بالانتحار، وقد تتكرر تلك الوجوه في  دورات قادمة وتتولى مناصب مهمة في الحكومات المقبلة ، مستغلين نفوذهم العشائري أو المناطقي أو استغلالهم للمال العام، لكنهم سيختفون  من الصورة  عاجلا أم آجلا، فالسياسة  فن الممكن،  لكن سياسيينا أضاعوا هذا الممكن حين فقدوا ثقة الناس بهم. وكان الأجدر بهم أن يتعلموا من أخطاء النظام السابق التي كانت سببا مباشرا في تعجيل نهايته، وقد قيل " الذين لايتعلمون من التاريخ محكوم عليهم بتكرار مآسيه".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram