TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > حينما تسترجع الروح أزمنتها الضائعة فـي رسوم محمد سامي

حينما تسترجع الروح أزمنتها الضائعة فـي رسوم محمد سامي

نشر في: 31 أغسطس, 2012: 07:54 م

علي النجارإذا كانت سمة عصر النهضة تكمن في تحليل التصور والتمثيل. فإن سمة عصرنا الحديث تؤكد على تحليل المعنى والمغزى(الدلالة). من وجهة النظر هذه, علينا البحث أو الحفر عميقا داخل النص الفني  المعاصر لاكتشاف سماته, ودلالاته التي غالبا ما تراوغ القبض على عصبها السري,
 rn لاشتباك ذات المبدع الخاصة ومناطق التعبير الظاهرية والخفية(الباطنية). ولا يسع معاين العمل الفني إلا الركون لأدوات الحفر المعرفية والذوقية. ولهاجسه الخاص الذي تشكل ضمن الحاضن الثقافي الأوسع.. لنحاول في هذا النص دخول عالم رسوم الفنان العراقي الشاب محمد سامي من جانبها الخفي أولا. ثم نتابع مزايا مظهريتها, أو تمثيلاتها الصورية.rnثم سطح أو بالأحرى سطوح متحركة محملة بانفعالات كائنات هذا الفنان لا تخفي مصادر  منشأ ردةrnفعلها المستفزة على مظاهر وجود معينة. في رسوماته, سواء القديمة أو الجديدة. لا تختفي هذه النبرة الحادة, حتى لو حاول أن يحد منها بعناصر تكنيكية جديدة, إلا أنها لا تنصاع لنوايا تحجيمها بشكل تام. وإن كان الأمر يدعو لفحص هذه الظاهرة الفنية التعبيرية(التي هي قديمة ـ جديدة). ولا أقول التساؤل. فلا بد من الحفر بعيدا في دواخل نفس الفنان. ربما استطعنا العثور على ما يفسر هذا الزخم الانفعالي في رسوماته.rnلقد عاش محمد سامي أعوام الرعب العراقية الأخيرة, وبالأخص أحرجها, المحصورة ما  بين عام(2005) و عام(2007) والتي ختمها بإصابته بـ (الذبحة السريرية المميتة). ولكون إصابته لم تتعدالعصب التاسع في الرقبة المسؤول عن نصف الجسم, ولم تصب الدماغ مباشرة. لذلك نجا من الموت المحقق. لكن يبقى لكل إصابة  مرضية مضاعفتها, سواء كانت دائمية أم موقتة. ظاهرية أو باطنية. بالتأكيد هذه الإصابة أو غيرها أصبحت مألوفة عند الإنسان العراقي في زمننا الكارثي هذا. وبالتأكيد إن للشد العصبي المستمروالرعب الذي يفاجئ المرء ضمن أجواء التفجيرات والاغتيالات في تلك السنوات وما قبلها التي كان محمد على تماس مباشر بها وهو الموظف في وزارة الثقافة التي تعرضت وما جاورها لصدمة هذه الحوادث المرعبة. فهل كان محمد سامي وهو في مقتبل عمره قادراً على تجاوز هذه الكارثية البشعة. وهل كان باستطاعته أن ينعم بغفوة عميقة في لياليه.  هو يؤكد عكس ذلك. وإصابته تؤكد صدق مقولته.   rnبسبب من ارتباط الحبل السري للطير والحيوان وخاصة الخيول بأمنا الطبيعة, لذلك فهي كائنات سريعة العطب إذا ما تعرضت هذه الطبيعة لكارثة ما, حواسها تتنبأ قبلنا. وهي إنذار الإنسان الأول بقدوم الكارثة أو اقترابها, هذه الكائنات ليس لديها سوى أجنحتها أو سيقانها من معين على الفرار. هي مخلوقات محمد سامي التي اختارها أو اختارته  كمجسات تنبؤية. هذا ما تخبرنا به خيوله المرسومة التي هي دوما هاربة, أو مدومة  في فضاء معتم. فقدت بوصلة اتجاهاتها, سواء كانت تحوم حول مصيرها, أو تفر منه. و سواء كانت تعبر قماشة الرسم إلى المجهول أو تصعد حيث لا يمكنها النزول. لكن,  وان تحصنت خيوله بمرونة أجسادها  فان طيوره  الأكثر هشاشة هي دوما  مسحوقة منتفضة أو مكسورة أجنحتها, وحتى في جنوحها صعدا. هي أرواحنا التي سحقتها شظايا حروبنا العبثية. هي رعشة العصب المخلوع من جذره. هي عصب محمد سامي الذي خضع للترميم الزمني. لكنه ترك بصمات أزمنة عطبه ندوبا ظاهرة للعيان. rnبما أن العقل البشري (يتكون من(100) مليار خلية عصبية فردية مترابطة في وظائفها لبناء النظم التي تمكننا من تصور العالم الخارجي, وتحديد اهتمامنا, والسيطرة الآلية على أعمالنا,) فهل بات العمل الفني, ولو كإشارات لمسارات أدائية, مشتبكا وشبكة هذه الخلايا العصبية. وخاصة في الأعمال التعبيرية الفنية. ربما هو كذلك , لكنه لا يخفي صلته في أداء محمد سامي, كما في أعمال الفنانين الذين اخترقتهم أزمنة الكوارث والحروب. فما بين إدراك ردة الفعل المباشرة وخفائها, يدرك التعبير الأدائي مقاصده. هو أمر طبيعي أن  تتحكم فيه بعض من ردود فعل خلايا الفنان العصبية التي لم تخمد نرفزتها الحادة. وعلى ما اعتقد فان العطب لا يزال عند الفنان فاعلا.  rnنحن بحاجة للاستعانة بالعلم أحيانا لفهم روابطنا بالعالم الطبيعي, سواء الظاهري منه أو المجهري. وسبق أن قدم بعض الفنانين رسوما استقت مصادرها من الخلايا المهجرية. كالفنان التجريدي(ويلز).  ورسوم سامي, وكما تبدو, تهيمن عليها شبكة خطية عصبية مقاربة في شكلها الحركي و الإشاراتي الضوئي  لشكل الخلية العصبية. وأحيانا حتى في انتشار خطوطها أو شعيراتها الخطية وتعرجاتها. فسواء كان الفنان يدرك جذر مرجعيته الصورية(ولو في بعض من مناطقها) أو هو لم يدركها. فبالتأـكيد أن ثمة حافز محرك, ربما, أو هو في حالة سامي, حافز داخلي, سيطر على أدائه الميكانيكي التعبيري وأنتج لنا هذه التأثيرات التي طغت على مشهدية رسومه. وبما أن سيرة حياته المتأخرة ارتبطت بالصدمة والعطب العصبي, كما رأينا. فإن الأثر( وهو هنا اثر مقارن لشكل الشبكة العصبية) لا يزال لم يستن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram