علاء حسن ناشطة لبنانية في مجال حقوق الإنسان اتصلت بجهات رسمية عراقية لتزويدها ببيانات وإحصائيات دقيقة عن عدد الأرامل والأيتام، لتكون ضمن كتاب تعتزم إصداره بمساعدة منظمة دولية ، وبعد طول انتظار استمرت لسنوات ومراسلات، أخفقت في الحصول على ما تريد فقررت السفر إلى بغداد لتحظى بلقاء المسؤولين ،
ولكنها فشلت في الوصول إلى احدهم ، بسبب عقبات كثيرة ، وأغرب ما واجهته التشكيك بمهمتها واحتمال تزويد الجهات المعادية للعراق بمعلومات في "غاية السرية" .بمساعدة الأصدقاء والمعارف قررت السيدة القيام بجولة في شوارع بغداد ومدن أخرى، فسجلت ملاحظاتها ، وبمساعدة عدسة كاميرتها ، خرجت بحصيلة واقعية عن حجم الكارثة والنكبة العراقية لتعرضها أمام المسؤولين أصحاب القرار ، ليتعرفوا على حقيقة ربما غابت عن أذهانهم ، أو حجبت عنهم عن قصد من قبل الموظفين المختصين بتلميع الصورة.كانت الناشطة تعد لكتاب يسلط الضوء على الفئات الاجتماعية المحرومة الجديرة بالرعاية في أكثر من بلد عربي ، ولكنها تراجعت عن هذه الفكرة، وقررت أن يكون الكتاب مخصصا للعراق لاعتقادها بأن حجم المحرومية في بلد نفطي ، أصبح نكبة ، في ظل غياب التشريعات والإجراءات الرسمية لمعالجتها، على الرغم من ادعاء القوى السياسية داخل وخارج الحكومة حرصها على تلبية مطالب الشعب وتحقيق الرفاهية. مئات الشهادات الحية سجلتها الكاتبة ووثقتها بالصور للنكبة العراقية ، وبعد صدور الكتاب ربما سيكون مصدرا مهما للمعنيين بقضايا حقوق الإنسان، فضلا عن المسؤولين للاطلاع على واقع اجتماعي سائد ومعروف ، ولكنه في أجواء الضجة العراقية ما عاد يثير اهتمام أحد لانشغال الجميع بالشد والجذب السياسي ، وتبادل الاتهامات، والكشف المستمر عن مخططات إقليمية تسعى للإطاحة بالتجربة الديمقراطية .أخبرت الناشطة معارفها في بغداد ، بأنها تخشى منعها من الدخول إلى العراق بعد صدور كتابها ، وجاء الرد بأن مثل هذا الاحتمال مستبعد ، استنادا إلى حقيقة أن أصحاب القرار لم يرف لهم جفن لحصد أرواح مئات المدنيين بانفجار سيارة مفخخة ، وبغداد بعد أن شهدت أياما دامية لم يقدم احد "خبراء إدارة الملف الأمني" استقالته، بل ظهر عبر شاشات الفضائيات معلنا اعتقال أشخاص مرتبطين بدولة معروفة بعدائها للعملية السياسية بحوزتهم متفجرات وقنابل يدوية ، وبعد ساعات قليلة من تصريح الخبير الأمني ، يتبين بأن المعتقلين من صيادي السمك ، والمتفجرات بحوزتهم، كانت تطول الزوري ولم تستطع النيل من الكطاطين والشبابيط .الناشطة التي تفضل عدم الكشف عن اسمها في الوقت الحاضر إلا بعد صدور كتابها، تلقت من معارفها الآخرين نصائح مصحوبة بتحذير من المجازفة بالعودة إلى العراق لأن "العيون الساهرة" على حفظ الأمن ستعتقلها في المطار ، وربما في مركز حدودي ، والتهم جاهزة ومنها تسهيل دخول المتسللين للأراضي العراقية لتنفيذ عمليات إرهابية ، أو العمل لصالح الجيش السوري الحر ، والتهمة الأخيرة نشر معلومات كاذبة ، عن "النكبة العراقية " المتمثلة بملايين الأرامل والأيتام في زمن التماسيح والشبابيط .
نص ردن: شواهد النكبة
نشر في: 31 أغسطس, 2012: 08:45 م