عدنان حسينإذا صح ما أعلنه مساعدون ومستشارون لرئيس الوزراء بان الأخير حمل الى قمة عدم الانحياز المنعقدة في طهران مشروعاً لحل للأزمة السورية، فانه سيكون جهداً ضائعاً لا قيمة له ولا مردود منه إن لسوريا أو للعراق، بالرغم من وصف بعض هؤلاء المساعدين والمستشارين المشروع بانه "متميز".
بصرف النظر عن تفاصيل المشروع فان أي مبادرة لحل أزمة ما بين طرفين أو أكثر من شروط نجاحها أن تكون مقبولة من أطراف الأزمة، وان يكون المبادر مقبولاً من هذه الأطراف كلها. ولكي يكون كذلك يتعيّن أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، وهو الأمر غير الحاصل في الموقف العراقي الرسمي من الأزمة السورية، فحكومتنا اتخذت على نحو مفاجئ وغير متوقع موقفاً منحازاً الى جانب النظام السوري ضد الانتفاضة الشعبية التي قبيل أشهر قليلة من اندلاعها كانت الحكومة قد اتهمت صراحة النظام السوري – عن حق بالطبع - بالمسؤولية المباشرة عن مقتل وإصابة عشرات الآلاف من العراقيين بإيوائه الإرهابيين من تنظيم القاعدة وفلول النظام السابق وتقديم الدعم اللوجستي لهم، بل ان الحكومة هددت علناً بشكاية نظام بشار الأسد الى مجلس الأمن الدولي.بالتأكيد ان المعارضة السورية الداخلية والخارجية لن تقبل بمبادرة حكومتنا مهما كانت "متميزة" لأنها ستنظر اليها بوصفها "غير نزيهة"، قادمة من طرف غير محايد، وبهذا يكون جهد حكومتنا وكأنه لم يكن.أكثر من هذا ان "المبادرة" نفسها تتمحور على فكرة إبقاء بشار الأسد وجزءا كبيراً من نظامه في الحكومة الانتقالية المقترحة، وهذا مشروع لن تقبل به المعارضة لان الأحداث قد تجاوزته بعدما تدفقت أنهار كبيرة بالدم السوري في كل مدن البلاد وقراها. مشروع حكومتنا يشبه المشاريع التي قُدّمت قبل 2003 الى المعارضة العراقية ورفضتها هذه مستندة الى حقيقة ان صدام قد أغلق بنفسه طرق التراجع بارتكابه الجرائم التي لا تقلّ عنها بشاعة جرائم بشار الأسد المتواصلة الآن.ومعلوم ان من يتقدّم عادة بمبادرات لحل مشاكل الآخرين لابدّ أن يكون مقنعاً لهم بقدرته على حل المشاكل، ولكي يحصل مثل هذا الإقناع يتعيّن أن يكون بلا مشاكل. وحكومتنا لديها من المشاكل في الداخل ومع الخارج ما يكفي للإثقال على عشرين بلداً مجتمعين.مبادرة الحكومة تقترح مثلاً "دعوة مختلف الأطراف المؤثرة في سوريا من أجل قبول مشروع تشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات، وإجراء انتخابات تحت إشراف دولي وعربي". لتعمل حكومتنا أولاً على ضمان تشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات في بغداد لكي تقترح مثيلاً لها في دمشق. وتقترح المبادرة أيضاً "اعتماد المواطنة أساساً لتشكيل الحكومة الانتقالية في سوريا". هل كانت حكومتانا المؤقتة والانتقالية، وحكومتانا الدائمتان السابقة والحالية اللتان يترأسهما السيد نوري المالكي بهذه المواصفات؟ لنفعلها لدينا أولاً قبل أن نقترحها للآخرين.كان يمكن لمبادرة منا أن تكون بناءة لو اتخذت حكومتنا موقفاً محايداً في الأقل من الأحداث السورية ولو تقدّمت بمبادرتها قبل سنة من الآن.يا حكومة ويا جماعة الحكومة.. الحلاوة ما تصير في جدر مزروف، كما يقول مثلنا الشعبي. وإذا كان لديكم فائض من الوقت كرّسوا فيه الجهد لحل مشاكلنا التي لا عدّ ولا حصر لها.
شناشيل: مبادرتنا في طهران .. حلاوة في "جدر مزروف" !
نشر في: 31 أغسطس, 2012: 08:57 م