TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: علاوي والعكيلي والشبيبي وآخرون

أحاديث شفوية: علاوي والعكيلي والشبيبي وآخرون

نشر في: 31 أغسطس, 2012: 09:35 م

 احمد المهناهذا منهج عمل "الشياطين" في السياسة. تارة يأخذ اسم التسقيط. وطورا يسمى القتل المعنوي. وأحيانا يدعى الغاء الآخر. ومضمونه تصفير قيمة المختلف أو المستقيم أو المتنور أو الخصم، وتلويث سمعته بأقذر الأساليب. وقد يشمل عقوبات معنوية أكبر مثل التهديد والتخويف، أو عقوبات مادية تبدأ من تخفيض الرتبة وتتدرج الى قطع الرزق والتوقيف والتعذيب والسجن وتصل الى الموت.
وهذا المنهج المنحط رديف كل سياسة تفتقد الى المشروعية. الدكتاتورية، والأحزاب الشمولية، والأحزاب الشبيهة بالعصابات، تختص باتباعه وتتميز به تميزا فاقعا. ان الدكتاتور رجل رخيص وبذيء. واذا عدت الى نشأته ستجد أنه شخص لم ينل، في أحسن الأحوال، الاحترام الذي يستحقه كل انسان. انه كائن ولد وترعرع في مستنقع الحقارة. وسيضع على رأس جدول أعماله، اذا تحكم وتسلط، مهمة تعرية المجتمع بأسره من اثواب الأحترام، ظنا منه أنه يستطيع ارتداءها وحده. انه المحترم الوحيد. ودليله على ذلك قدرته على إنزال كل انواع العقوبات المعنوية او المادية بكل الرجال المحترمين وكل النساء الموقرات. دليله القوة، وبرهانه السلطة.وأسباب هذه المهمة ليست نفسية وثقافية واجتماعية وحسب، وانما "عملية" أيضا. فكلما كان الشعب محترما استحال التحكم به واستعباده. جوِّع كلبك خبزا وكرامة يتبعك. ان كل شعب عرف حياة الحرية لا يمكن له أن يتقبل المس بكرامته، فمهما كانت قوة الحكومة التي تتسلط عليه، فانه سيجد الدافع، وسيكتشف الطريقة، للتمرد والثورة. ان الشعب الحر قد ينحني أمام الرياح يوما، ولكنه لا يعرف الخنوع أبدا. ولذلك ينصب جهد الحكومات والسياسات عديمة الشرعية، وعديمة الانسانية، على منع شعوبها من تعلم تقاليد الاحترام، والحيلولة دون تمهيد التربة أمامها للعيش في حياة الحرية.صدام فعل ذلك كله، والى أقصى الحدود. لم يسلم من لوثته مراهق نظيف، ولا بشر مستقيم، ولا قامة في علم أو عمل، ولا مبدع في أدب أو فن، ولا شخصية في السياسة، ولا حتى رجل في آخر العمر بمقام الإمام الخوئي، فقد جرَّه بالقوة من محرابه في النجف، الى لقائه أمام الشاشة ببغداد، في حادثة شكلت علامة فارقة في الإعصار الصدَّامي على تاريخ اللياقة والاحترام في العراق.لم تنته السيرة. في ديمقراطية العراق الفتية، ديمقراطية العراق الكاذبة والكريهة، تواصلت السيرة. يُظهر وزير، مثل المهندس محمد علاوي، قدرا من الاحترام لنفسه، فتسلط عليه ساحرة من ساحرات المالكي. ويرتفع احترامه لنفسه الى درجة الاستقالة، وهذا هو الخبر المحترم الوحيد منذ استقالة ابن الأكارم جعفر محمد باقر الصدر من النيابة، فتُصدِر الأمانة العامة لمجلس الوزراء بيانا يشكك في ذمته.ساحرة أخرى، من ساحرات المالكي، طوَّحت برئيس مفوضية الانتخابات مع اثنين من زملائه، الى درجة الحكم عليهم بالسجن عاما مع وقف التنفيذ، بتهمة دفعهم رشوة قيمتها مائة دولار! نعم فقط مائة دولار! فيا لله وللقضاء! القضاء الذي كان قد أخرج من معطفه رجلا محترما، ومفخرة وطنية، مثل رحيم العكيلي. وذنبه أنه صار علما على المهنية والنزاهة والشجاعة بين القضاة المحترمين. وها هو الآخر توجه له دعوة استقدام الى محكمة، بتهمة "حفظ إخبارات". سنان الشبيبي، محافظ البنك المركزي، الإقتصادي المرموق، والوجه الذي ينطلع به أمام الأمم، وُضع هو الآخر في مرمى النيران. القائمة طويلة ولكن هذه الوجوه هي القمة الظاهرة من جبل الجليد. المالكي يعرف من يستهدف. الخلف يسلك سُّنة السلف حذو النعل بالنعل. وحربه منصورة، لاشك، بوجود شعب مغلوب على أمره، وطبقة سياسية صارت تخجل منها التفاهة. إن مستنقع الطبيعة يتحمل ظهور أوراد مثل زهرة اللوتس. ولكن سياسة المستنقع حرب شعواء لاجتثاث الورود. فيا لنحسنا ويا لبؤسنا!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram