عامر القيسيقال لي أحد البرلمانيين لماذا تركزون في المدى على انتقادات موجهة للمالكي ومستشاريه تحديدا في الوقت الذي تعج به البلاد بالمفسدين والمسؤولين العاطلين عن العمل والتقصير في كل مناحي الحياة اليومية التفصيلية للمواطنين.
وقال للمدى احد البرلمانيين أيضا من كتلة أخرى إن البلاد يقودها مكتب المالكي وإننا نعيش في عصر الدولة البوليسية وإنه يحمّل رئيس الوزراء وائتلافه دولة القانون مسؤولية الأزمة في البلاد.الأول لايعترض على الانتقادات لكنه يريد توسيعها والثاني قال الحقيقة كاملة ونشرناها في اللقاء الموسع معه الأسبوع الماضي. وبين زمن الرأي الأول والثاني جاءت استقالة وزير الاتصالات في الرسالة العلنية لتؤكد أن مفاصل الدولة كلّها تقاد فعلا من قبل المالكي وجوقة مستشاريه،فالرسالة قالت بوضوح إن الوزير لايستطيع أن يبرم عقدا والمطلوب منه أن يلغي عقودا أخرى فضلا عن انه لايعلم بتنقلات المدراء لديه إلا من خلال كتب رسمية يكون آخر من يعلم بها.. و"الأقمش " من كل ذلك أن الرجل لارأي له في بقاء مستشار لديه أو إبعاده والدليل مدللة مكتب المالكي مستشارة الوزير بتأريخها الناصع البياض، حتى أن الوزير ربط عودته عن استقالته بتغيير المدللة الصغيرة!!كل القوى السياسية بما في ذلك المتحالفة مع المالكي في التحالف الوطني تشكو سياسة القبضة الحديدية التي ينتهجها السيد المالكي في إدارته للبلاد، فمجلس الوزراء شبه معطل وتشريعات البرلمان التي لاتناسب المالكي توضع في "فريزر" التجميد لتبقى دون فعالية إلى ما شاء الله، والوضع الأمني بيده من الألف إلى الياء، واستجوابات أو تضييفات الوزراء في مجلس النواب معطلة هي الأخرى لأن المالكي نفسه يستنكف أن يكون ضيفا مكرما على المجلس، ولانذهب مذهب الخبثاء من أن مشاغل المالكي الكثيرة في لملمة الأزمة السورية قد شغلته عن الهم العراقي إلى زمن ما، ولا نذهب مع قولهم من أن الذي يعجز عن تحقيق الإصلاحات في بلاده فكيف يكون قادرا على أن يقدم حلولا سحرية لإصلاحات في بلد ينزلق نحو هاوية الحرب الأهلية،ودليل هؤلاء الخبثاء هو فترة المئة يوم التي منحها المالكي لوزرائه لإنجاز برامجهم، إن كان ثمة برامج، ثم طوى النسيان الفترة كاملة وأصبحت جزءا من الماضي ولم تعد مدار حوار أو نقاش لا العلني منه ولا الذي يجري خلف الكواليس! والمالكي ومستشاروه يستاءون كثيرا من النقد والانتقاد والملاحظات ويعتبرونها مؤامرة كونية موجهة ضده شخصيا،وبالتالي فإنها تشملهم بطريقة أو أخرى أو بتعبير أكثر دقة تتعرض في المحصلة لمصالحهم وامتيازاتهم،وهذا هو الخطأ الفاضح والمهني،ولو كنت بدل المالكي،لاسمح الله أو أحد مستشاريه، لانكببت كل صباح على كل صحف البلاد لأقرأ فيها قبل كل شيء الانتقادات والملاحظات وكشف مواقع الخلل التي يجهد الإعلاميون والصحفيون في كشفها من منطلق الحرص الوطني والشعور بالمسؤولية الملقاة عليهم، ولسارعت إلى تتبع مواقع الخلل تلك لإيجاد الحلول لها وتخليص المواطنين من معاناتهم بسببها، وقد قلنا أكثر من مرّة إننا معشر الصحفيين نعمل بمثابة جهاز استشعار وكشف مجاني للسلطة التنفيذية لمساعدتها في أن تضع إصبعها على الجرح إن كان ثمة نية لعلاج هذا الجرح أو الجروح التي تثخن الجسد الشعبي العراقي.لاشيء شخصي مع المالكي أو غيره، ولانية لنا لأن نتبوأ المراكز الرسمية التي يحفلون بها، لكن قراءتنا تقول إن سياسة القبضة الحديدية التي ينتهجها المالكي والصفقات السياسية التي يتعامل بموجبها لمصالح ضيقة وحزبية هي التي تأخذ منّا ومن غيرنا من وسائل الإعلام المساحة الأكبر في الانتقادات وإن كانت قاسية في الكثير من الأحيان، وهي قسوة نابعة من قسوة الأزمة وما تلقيه من ظلال سلبية على الحياة اليومية للمواطنين.نقولها بوضوح ثانية وثالثة إن الطريقة التي يقود بها المالكي الحكومة والأزمة وارتضائه بجوقة من المستشارين التي تنحصر هموهم في تزويق البشاعات وصناعة الدكتاتورية من جديد، ستؤدي بنا، إن لم تكن قد فعلت ذلك حقيقة،إلى العودة للماضي ولكن على شكل مهزلة سوداء!
كتابة على الحيطان: لماذا رئيس الوزراء؟
نشر في: 1 سبتمبر, 2012: 08:00 م