TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية:بين مرسي والمالكي

أحاديث شفوية:بين مرسي والمالكي

نشر في: 1 سبتمبر, 2012: 09:57 م

 احمد المهناما يفرق بين موقفي الرئيس المصري ورئيس الوزراء العراقي تجاه سوريا، خلال قمة عدم الانحياز في طهران، هو الانحياز ذو المعنى والجدوى، وعدم الانحياز الفاقد للوزن والقيمة. وقد انعكس ذلك في الاهتمام العالمي بخطاب مرسي، مقابل الصدى البارد لخطاب المالكي.
rnوكان ملفتا أن يضع خطاب الرئيس المصري اسرائيل ونظام بشار الأسد في موقع واحد. وفي الموقع المضاد لهما وضع الشعبين الفلسطيني والسوري. قال "ان الشعبين الفلسطيني والسوري يريدان الحرية والكرامة والعدالة". فهذه من المرات النادرة التي يساوي فيها كلام عربي بين الاستعمار وبين الطغيان، والمرة الأولى التي ترد فيها مثل هذه المضاهاة بين الاستعمار والطغيان على لسان رئيس دولة عربي.rnان معنى كلامه هو ان هدف الشعب الفلسطيني تحقيق التحرر الوطني من الاستعمار الاسرائيلي. وإن هدف الشعب السوري هو التحرر الديمقراطي من الدكتاتورية. وبالتالي فان التحرر الديمقراطي على درجة واحدة من الأهمية مع التحرر الوطني. ولكي لا يكون هناك لبس في الموضوع فقد وصف الوضع في سوريا بأنه "ثورة ضد نظام فقد شرعيته". وعلى مستوى أبعد فان هذه اللغة، أيضا، اذا ما عدنا الى التاريخ، تعد غريبة على عالم "حركة عدم الانحياز"، التي لم يعرف أي من قادتها التاريخيين، باستثناء نهرو، بكراهة الطغيان، أو العطف على الديمقراطية. فتيتو كان يرأس نظاما شيوعيا. وعبد الناصر كان قد قاد انقلابا عسكريا على نظام شبه ديمقراطي. وهذان هما قطبا الحركة بعد نهرو. لقد كان "الاستقلال " او "التحرر الوطني" المفرغ من المضمون الديمقراطي هو آيديولوجية الحركة. rnوالواقع أنه اذا كانت هناك تجربة مهمة في البرهنة على خطأ سياسة عدم الانحياز، أو الحياد، في أوقات الحروب، وعلى استحالتها في آن، فهي حركة عدم الانحياز. فقد أثبتت منذ البداية أنها منحازة الى أحد طرفي الحرب الباردة. وكان أن اتخذت موسكو منها أداة في صراعها على النفوذ في العالم مع واشنطن. أما "الخطأ" التاريخي الذي جرته هذه السياسة على أصحابها، وعلى العالم أجمع، فهو صرف الاهتمام عن الحاجات الحقيقية والفعلية لدول العالم الثالث، وفي مقدمتها التحديث والحرية. فاللامنحازون صرفوا جل عنايتهم الى اقامة دكتاتوريات فاسدة، بينما ركز قطبا الحرب الباردة هدفهما على كسب مناطق النفوذ في العالم، الى درجة تعادلت فيها موسكو الشيوعية وواشنطن الديمقراطية، بالتنافس على صداقة الأنظمة الدكتاتورية والتسلطية. وتراجعت بذلك أهمية قضايا التنمية والديمقراطية وحقوق الانسان في العالم أجمع.rnكانت حركة عدم الانحياز في عصر تصفية الاستعمار مفارقة مأساوية. فقد اكتسبت مكانة معنوية معتبرة، ولكنها كانت مفيدة لحكوماتها وضارة لشعوبها. كانت تحررية من منظور حق الدول في تقرير مصيرها ودكتاتورية من منظور حق المواطنين في تقرير مصائرهم. كانت حركة تحررية وطغيانية في آن واحد. rnوكما أن حياد تلك الحركة كان انحيازا، كذلك هو حياد المالكي بين النظام والمعارضة في سوريا. انه هو الآخر انحياز، ولكنه لم يلاق الاحترام الذي لاقاه انحياز مرسي، لأن الأول منافق وتابع، ومع النظام والماضي، بينما الآخر صريح ومستقل، ومع الشعب والمستقبل. ان الحياد في أوقات الحرب، اذا أمكن فعلا، فهو خاطئ، واذا لم يمكن فهو مخادع، ظاهره يناقض باطنه. وهو في آخر الحساب موقف خاسر، لا مكسب من ورائه. ففي الحروب هناك دائما منتصر ومهزوم، والحياد سيغضب أحدهما من دون أن يرضي تماما عدوه. وهو، في حالة المالكي، خداع هدفه الظهور بموقف "متميز" عن موقف ايران من سوريا. ولعل هذا النوع من "التميز" عن ايران هو أقصى ما يستطيعه أي طرف من أطراف الإسلام السياسي الشيعي في البلاد العربية. وهناك، أخيرا، فارق بين حياد حركة دولية أكسب حكوماتها في وقت ما أهمية في السياسة العالمية، وبين حياد دولة مفردة وضعها في الموقع الذي قال فيه الشاعر: الى أن تحامتني العشيرةُ كلها / وافردتُ افرادَ البعيرِ المعبدِّ!rnrn

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram