حازم مبيضين رغم تأكيد الرئيس السوري أن الوضع في بلاده آخذ بالتحسن، فإن اعترافه بأن الحسم العسكري بحاجة إلى المزيد من الوقت، يعني أن الأزمة مستمرة, وأن مزيداً من الدماء ستسفك, وأن مزيداً من اللاجئين سيعبرون الحدود إلى دول الجوار, وأن على القابضين على الجمر المتمسكين بالبقاء في وطنهم, مواجهة المزيد من مصاعب الحياة, التي تتفاقم يومياً بسبب تردي الأوضاع الأمنية, وأن على العالم أن يتمتع بالمزيد من الفرجة على المجزرة التي تطول السوريين لمجرد رغبتهم في الحياة.
rnكان متوقعاً من الرئيس السوري بشار الأسد التطرق إلى آفاق حل سياسي, يخرج بالبلاد من أزمتها الطاحنة, غير أنه مستنداً إلى قوته العسكرية, خيب آمال الجميع من هذه الناحية, ويبدو أنه لم تتبلور بعد عند مركز القرار في الحكومة السورية أي رؤية تستهدف حل الصراع بالطرق السياسية, بما يضع حداً لسفك الدماء، وسيكون مخيباً أكثر لآمال السوريين والعرب, إن كانت دمشق ترى أن ليس هناك أفق للحل غير العسكري, وإذا شئنا الإنصاف فإن ذلك ينطبق أيضاً على معارضيه العاجزين حتى اليوم وإلى مدىً بعيد عن إحراز انتصار على قوات النظام التي ماتزال متماسكةً رغم كل الانشقاقات في صفوفها.rnهي معركة إرادات كما يقول الأسد, وهو يقر هنا بأن الطرف الثاني في الصراع يمتلك إرادةً استعصت على الكسر بعد كل المعارك التي لم يربحها في حمص وحلب ودمشق وحماة ودرعا وإدلب, لكنه يبدو وهو يتحدث عن معركة الإرادات, كأنما يبتعد عما ظل النظام يردده عن المؤامرة الكونية ضده, ويعترف بأن في سوريا إرادةً ثانية صلبةً ومصرةً على بلوغ غاياتها, أو كأنه اكتشف أن الإرادة الدولية ضده, إنما تستند إلى واقع محلي لم يعرفه إلا بعد اندلاع الثورة, التي بدأت سلمية وانتقلت بفضل المعالجة العسكرية قصيرة النظر إلى حرب أهلية مفتوحة على كل الاحتمالات. rnالرسالة التي أراد الأسد إبلاغها لأكثر من جهة, هي أنه مصمم على القتال حتى النصر, بغض النظر عن حجم الخسائر في الأرواح والأموال, وهي كما يرى البعض موجهة لأقرب حلفائه في طهران, عشية قمة عدم الانحياز التي انعقدت هناك, وقدم فيها النظام الإيراني مصلحته على مصلحة حليفه في دمشق, بما يوحي بأن طهران قد تكون في طريقها لتغيير مسار تعاملها مع القضايا الإقليمية ليقينها بأن القاهرة عادت بقوة للعب دورها في المنطقة. rnيعرف الأسد أنه يتعامل مع معارضة تفتقر إلى الرأس, مثلما تفتقر إلى رؤية موحدة لمستقبل البلاد, وأن فيها الكثير من الغث الذي يتقاتل على جلد الدب قبل اصطياده, وأن الكثيرين من الانتهازيين التحقوا وإن متأخرين كثيراً بركب المطالبين بحقوقهم الوطنية, ووصل هؤلاء بطرق ملتوية إلى مواقع متقدمة, غير أن توصيفه حال المنشقين عن نظامه, قد جانب الصواب وفيهم من تربى معه كطلاس, ومن قدمه هو شخصياً على الجميع كحجاب, فإذا كان انشقاقهما مكسباً للنظام فإن علينا توقع انشقاق كثيرين لم يصلوا إلى ما وصلا إليه.rnمؤسف أن لايثير حديث الرئيس السوري لفضائية الدنيا التي تفننت في طرح الأسئلة الصعبة, وهي تعرف سلفاً أن لاجواب عليها, أكثر من التشاؤم, وأن يعني أن مزيداً من الدم السوري سيسفك على مذبح شهوة الحكم سواء عند الأسد أو معارضيه . rnrn
في الحدث :خطاب الأسد.. غياب أفق الحل
نشر في: 3 سبتمبر, 2012: 06:23 م