رحيم حسن العكيليأبدى الوزير المتهم الموقوف عن تهمة بالفساد عام 2009 التضايق والتملل من طول إجراءات التحقيق وكثرة الأسئلة التي يوجهها القاضي ، فسأله القاضي (( هل أنت أفضل أم علي ( ع ) )) فأجاب الوزير المتهم ( علي أفضل ) ، فسأله القاضي ( هل أنا أفضل أم شريح ) ويقصد ( شريح القاضي ) فأجابه الوزير الموقوف ( بل أنت أفضل ) فأجابه القاضي :- ( الأفضل منك لم يتملل أمام شريح ، فلماذا تتململ أمامي وأنا أفضل منه ).
rnوكان القاضي يدرك أن الوزير الشيعي المذهب سيجيبه بأنه الأفضل وليس ( شريح القاضي ) لأن شريحا بايع لاحقا عبيد الله بن زياد قاتل الحسين ( ع ) ولا يمكن أن يجعله أفضل منه .rnهذا القاضي العالم نفسه كان له ( حكاية شجاعة ) أخرى أيام النظام السابق ، إذ وجد رجلا مبتور اليد حديثا في موقف الشرطة التابع له أثناء زيارته الموقف للاطلاع على أحوال الموقوفين ، فسأل :- ما شأنه ، فأجابوه بان الفدائيين ألقوا عليه القبض بتهمة قطع الطريق ( التسليب ) وأمر عدي صدام حسين - بلا محاكمة - بقطع يده ، فقطعت ، ثم سلم إلى مركز الشرطة لاتخاذ الإجراءات القانونية الأصولية بحقه عن تهمة التسليب ، فطلب تقديم أوراقه إليه فورا ،فوجد أن الأدلة منعدمة ضد الرجل فأفرج عنه لعدم كفاية الأدلة وأطلق سراح الرجل فورا تنفيذا لقرار القاضي ، وبعد أيام ورده كتاب من اللجنة الاولمبية بتوقيع عدي صدام حسين يأمره فيه بإرسال الأوراق التحقيقية ، فرفض إرسالها ، وبعد يومين أرسل وزير العدل بطلبه ، فسأله الوزير ( لماذا لم ترسل الأوراق التحقيقية إلى اللجنة الاولمبية ) فشرح له القصة وأعلن أمامه بان اللجنة الاولمبية لا حق لها بطلب القضية أو التدخل في عمل القضاء ، فأجابه الوزير ( اذهب إلى عملك وسأحل الموضوع من جانبي مع اللجنة الاولمبية ) . وقد سمعت تسجيلا للقاء أجراه احد الصحفيين مع الرجل الذي أفرج القاضي عنه يشرح فيه قصته وكيف أنقذته شجاعة القاضي الشاب .rnقلت - حينما سمعت القصتين - بأننا يجب أن نكتبهما بماء الذهب ونعلقهما على أبواب المحاكم ، كما علق العرب قصائد شعرائهم ، وكنت قد شهدت كيف أن القاضي ( دارا نور الدين ) هذا المعلم الكبير قد رفض حضور ممثل حزب البعث أمامه بوكالة رسمية ، لان الحزب ليس بدائرة رسمية ، فيتوجب به إبراز وكالة مصدقة من الكاتب العدل ، فأجابه ممثل حزب هل تريد من الأمين العام للحزب أن يحضر أمام الكاتب العدل لتحرير وكالة لكم ، فأجابه نعم هذا هو حكم القانون ! rnوسأحدثكم عن مواقف شجاعة كثيرة تشابه ذلك وتزيد عليها في مقالات لاحقة.rn لكن أصحاب هذه المواقف من قضاتنا العلماء الشجعان يتعرضون يوميا للاغتيال هم وعوائلهم ، ويتهمون بالبعثية جزافا ، رغم أن البعث لم يكن يشعر بخروج جهة في الدولة العراقية كلها عن سلطته وسطوته غير القضاء ، لذلك اضطر النظام السابق إلى تأسيس محاكم خاصة كمحكمة الثورة ومحكمة الأمن العامة ومحكمة المخابرات والمحكمة الخاصة في وزارة الداخلية من غير القضاة أو من القضاة المعروفين بخضوعهم وانقيادهم وكانوا معدودين ومعروفين ، لتحال الدعاوى التي تمس النظام والحزب الحاكم إليها ، كما فعلوا في قضية الدجيل وقضية التجار وغيرها .rnوها هم أعلم وأنزه رجال القضاء في الموصل وديالى كبشار الجبوري والدكتور احمد الحريثي وغيرهم يبعدون عن القضاء بالاجتثاث ، فقد اجتث ( 31 ) قاضياً في الموصل بضمنهم قاضيان استشهدا بيد الإرهابيين قبل أسابيع معدودة ، و (16 ) قاضياً في ديالى ، وها هو قاضٍ في البصرة يقتل قبل يومين طعنا هو وزوجته ،وقبله قتل أكثر من ( 56 ) قاضيا . rnفهل يتعاون الإرهاب وسوء تطبيق القوانين وتسييسها على إفراغ القضاء من رجاله ؟ إن القضاة رجال مهنيون عملوا أيام النظام السابق في خدمة الدولة ، ولم يعملوا في خدمة النظام ولا في خدمة البعث ،ومن الواجب التفريق بين من عمل في خدمة الدولة كرجل مهني ، وبين من عمل في خدمة الحزب والنظام وباع نفسه وضميره ، وكم من هؤلاء غفل أو استغفل عنهم مطبقو القواين بانتقائية ما داموا في خدمة الأغراض غير المشروعة لبعض الجهات المتنفذة .rn إن القاضي رجل مهني له من الخبرة والعلم ما لا يمكن تعويضه بغيره ، وأن القضاء يعاني قلة القضاة بشكل متفاقم ، وأن في إبعاد القضاة عن سوح القضاء خسارة للقضاء وللناس وللبلد لا يمكن تعويضها أبدا ، وقد استفادت دول الخليج من خيرة قضاتنا بعد إبعادهم أو محاربتهم في العراق فاضطروا إلى ترك بلدهم ليقدموا عصارة علمهم وخبرتهم إلى بلد آخر بدل بلدهم ، فلا تفرطوا بقضاتنا فإنهم ثروة يستحيل تعويضها .rnrn
لا تفرطوا بالقضاة فهم ثروة
نشر في: 3 سبتمبر, 2012: 07:16 م