يعقوب يوسف جبر انتشرت ظاهرة تزوير الوثائق الدراسية في العراق بعد عام 2003 لتشمل كل مؤسسات الدولة بما فيها مجلس النواب ، فبعض النواب يحملون شهادات مزورة ،وهذه إشارة دالة على وجه من وجوه الفساد الإداري ، وخيانة للأمانة الملقاة على عاتق هؤلاء من قبل المواطنين وحنث باليمين الذي أقسموه أمام الشعب وأمام أقرانهم من البرلمانيين يوم تسلموا مسؤولية العضوية النيابية ؛ كما أن هذه السلوكية تعد خرقا للدستور الذي يعتبر بموجب ديباجته وإطاره العام الحصن الحصين للحفاظ على الحقوق من الضياع والمصادرة .
كيف يمكن منح الثقة لمن يزوّر الوثيقة وهو يشغل منصبا خطيرا في الدولة ؟ كيف يمكن تحميله مسؤولية وظيفية حساسة وثقيلة تتضمن حفظ حقوق الآخرين وهو من يصادرها ؟ لم تقتصر عملية التزوير على بعض النواب بل امتدت إلى مؤسسات أخرى في الدولة ،فبعض الوزراء والمدراء سقطوا في حضيض التزوير ، إضافة إلى الكثير من الموظفين في دوائر ووزارات الدولة ، التي تفقد جزءا من مهنيتها وقدسيتها ، فالمزورون بلا تحصيل دراسي ،خاصة التحصيل الجامعي يعدون بمثابة أدوات عاطلة تشكل عبئا على الدولة وإدارتها وميزانيتها ، كما أن عدم امتلاك التحصيل الدراسي يمثل نمطا من الأمية ،فكيف يمكن لمن يفتقر للتحصيل والشهادة والخبرة أن يمارس الدولة ؟ هل من الممكن للمزورين أن يساهموا في إدارة الدولة وهم جهال؟ ما حدث نتيجة شيوع ظاهرة التزوير رافقها ظاهرة هدر المال العام وبيروقراطية الدوائر والهيمنة على مقدرات الدولة ،إذ أن الفساد استشرى لتشهد البلاد أزمات متعددة في كافة المجالات ؛ مما انعكس سلبا على حياة المواطن .إن التسامح مع هؤلاء المزورين خلل في إدارة الدولة ، لذلك يجب استخدام الحزم معهم واستبعادهم وتغريمهم ؛ وإفساح المجال لذوي الشهادات ليأخذوا أماكنهم المناسبة وتقليص مستوى البطالة المرتفع .أما التهاون وغض النظر عن هذه السلوكية سيرسخ ظاهرة الفساد ويسمح لآخرين باتباعها ، فتظل الدولة بلا هيبة ،بل دولة مخترقة لا تملك قوة القرار ، أما بخصوص موقف بعض رجالات الدولة من المخلصين وذوي التحصيل الدراسي من هذه الظاهرة فهو محاسبة هؤلاء المزورين بشدة ، لأن أية دولة لا تردع المفسدين ستعجز عن تحقيق نجاح إداري واضح ، وستكون بؤرة جاذبة لكل من هبّ ودبّ يعيث فيها فساداً دون رقيب ورادع.
تزوير وثائق
نشر في: 4 سبتمبر, 2012: 07:45 م