حازم مبيضين يبدو أن الرئيس اليمني المخلوع, علي عبد الله صالح لم يدرك عمق التحولات الجارية في المنطقة, وكان من نتائجها إطاحته من موقعه, كرئيس إلى الأبد, وهو اليوم يسعى للعب دور سياسي, من خلال محاولاته بعث الحياة في جثة الحزب, الذي كان يحكم باسمه, متجاهلاً أن التوافق على عدم تقديمه للمحكمة, يقضي بابتعاده عن المشهد السياسي, وعدم العبث بالساحة الداخلية, التي شهدت سلاماً هشاً
rn بعد رحيله من القصر الجمهوري, والواضح أن الرجل يعمل على عرقلة أي جهد لخليفته عبد ربه منصور هادي, باعتبار أنه يقوم بتطهير المؤسسات من رجال العهد المباد, مع ضرورة التذكير بأن هادي كان نائباً له, ويعتبره الكثير من ثوار اليمن مجرد امتداد لحكم صالح, الذي جثم على صدور اليمنيين ما يقارب الثلاثة عقود.rnلايعني تمسك صالح برئاسة حزب المؤتمر الشعبي, غير طموحه للعودة إلى موقعه, ولو عبر وسيط بعد أن تيقن أن نائبه السابق, يسعى لوضع بصمته الخاصة في تاريخ اليمن, ويبدو أن الرجل فقد البوصلة, فقام بمهاجمة الجميع خلال حضوره احتفال حزبه بمرور ثلاثين عاماً على تأسيسه, ابتداءً بحكومة الوفاق الوطني, التي وصفها بالفاشلة, وصولاً إلى قيادات وأعضاء حزبه, والمسؤولين الذين انشقوا عنه, ظناً منهم أن النظام سقط, وكأنه يظن, وبعض الظن إثم, أن نظامه لم يسقط بعد, ولم يبق غير أن يهاجم الدول الخليجية, التي امتنع سفراؤها عن حضور الاحتفال, رغم أن مبادرتها هي التي منحته طريقاً آمناً للمغادرة, وبات واضحاً أنه لم يكن يستحق ذلك.rnيرى سياسيون يمنيون, أن هاجس البقاء وحب الظهور في وسائل الإعلام, هو ما يدفع المخلوع صالح لمثل هذه الاحتفاليات العبثية، والتي لا تستحق التعليق عليها، بعد أن أسقطه الشعب في ثورة شعبية عارمة, وإذا كان آخرون يعتبرون أن صالح يلعب في الوقت الضائع، لأن ما فعله في ماضيه لم يبق له شيئاً, وأنه كان الأفضل لحزبه أن يفكر في المستقبل، وأن يدع صالح لمصيره، بدلاً من أن يأخذ معه الحزب إلى المجهول, ومع وجاهة هذه الآراء, فإن الواجب يستدعي الحجر على الرئيس المخلوع, ومنعه بمساعدة الدول الخليجية من محاولة لعب أي دور سياسي, بعد فقدانه كل شرعية كان قد اغتصبها بالقوة. rnالواضح أن هناك تبايناً في فهم المبادرة الخليجية, بين الرئيسين السابق والحالي, فهادي يؤكد على السير في تنفيذ بنودها حتى النهاية، متهماً سلفه بأنه ما زال لا يفهمها, أو يتظاهر بذلك, مع إصراره على النهج السابق، ويمارس التحريض والعرقلة ومنافسة إرادة الشعب اليمني، تلك الإرادة التي ذهبت إلى خيار التبادل السلمي للسلطة، ونبذ الاحتراب والشقاق والخلاف، وعليه كما يجب أن يستوعب, أن اليمن في مرحلة جديدة, لكن إصرار صالح على البقاء في موقع رئيس حزب المؤتمر، يثبت أنه مسكون بوهم استعادة السلطة، وإعادة التاريخ إلى الوراء، أو على الأقل إثبات حضوره, وبرغبة شديدة في تبديد الصورة التي تكونت حوله, باعتباره الرئيس الذي ثار عليه شعبه.rnأما صالح فانه يتصرف على عكس ما يرغب به عقلاء حزب المؤتمر، وقد وجه بما أقدم عليه, تهديدات حقيقية لترتيبات المرحلة الانتقالية، وللوضع الهش الذي يعيشه اليمن، فهو يقامر، رغم علمه الأكيد أن ما عجز عن حسمه عندما كان في السلطة, لن يستطيع أن ينجزه اليوم, والحقيقة الراهنة أن الخلاف بين هادي وصالح بات الحقيقة السياسية الأهم, التي تهيمن على المشهد السياسي اليمني في هذه المرحلة.rnافترق الرجلان, بعد أن لوّح هادي بمحاكمة من يعرقل المبادرة الخليجية, وكان واضحاً أنه يقصد الرئيس المخلوع, المسكون بهاجس البقاء في الصورة, ولو كمجرد رئيس حزب.rn
في الحدث: صالح حين يناور للعودة
نشر في: 4 سبتمبر, 2012: 08:58 م