TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: الإبراهيمي والمهمة المستحيلة

في الحدث: الإبراهيمي والمهمة المستحيلة

نشر في: 5 سبتمبر, 2012: 08:42 م

 حازم مبيضينأيام معدودة, ويبدأ الأخضر الإبراهيمي, المبعوث الدولي العربي, مهمته " شبه المستحيلة " في سوريا, وهو يشعر كأنه يقف أمام جدار أصم، يبحث عن شقوق فيه, يمكن أن تؤدي إلى حل, صحيح أنه يبدؤها بعيون مفتوحة, وبلا أوهام بأن مهمته ستكون سهلة,
مع قناعة بأن من واجبه أن يحاول مع نظام أعلن مسبقاً  أن شرط نجاحه في مهمته, يتوقف على قيام قطر والسعودية وتركيا، بالالتزام علناً بنجاح الخطة, والتوقف فوراً عن إرسال السلاح, وإغلاق حدودها في وجه المقاتلين, وإغلاق معسكرات التدريب, وبما يعني عملياً وضع العصي في دواليب مهمته, إذ يعرف الجميع أن الإبراهيمي لا يمتلك سلطة يفرضها على تلك الدول, على فرض أنها تقوم فعلاً بتأجيج نار الصراع في بلاد الشام.يبدأ الإبراهيمي مهمته لمواجهة حرب أهلية, يعرف صعوبة وقفها, وهي أشد أنواع النزاعات قسوة عندما يقتل الجار جاره وأحيانا أخاه, وبالتزامن مع الأيام الأخيرة من الولاية الأولى للرئيس الأميركي باراك أوباما, حيث يشتد الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين على من يسكن البيت الأبيض خلال السنوات الأربع المقبلة, بما يعني أن واشنطن ستظل بمنأى عن الحدث السوري, تاركة للأطراف غير الفاعلة مهمة إدارة الأزمة, بانتظار نتائج الانتخابات, ويعطي هذا الوضع للنظام السوري فرصاً إضافية لتغيير الواقع على الأرض بالقوة العسكرية, فيما إيران تنتهز الفرصة لتثبيت  أولوية مصالحها, ولو على حساب دم السوريين, على أمل أن لاتخرج من المولد بدون حُمص.المهمة شبه مستحيلة لعدة أسباب, من أبرزها تمسك حلفاء النظام بالتسوية السياسية, دون الإفصاح عن تفاصيل تلك التسوية, وهل هي مجرد تغيير في أساليب النظام, أو هي معنية بولادة نظام جديد بالكامل يلحظ المطالب الشعبية, ويحافظ على تماسك الدولة السورية, وإصرار النظام على التشكيك بوجود معارضة تقاتله على الأرض, وتجبره على استدعاء الجنود الاحتياط, مع التأكيد شبه الدائم على وجود مؤامرة خارجية تستهدف هدم جبهة الممانعة والمقاومة, وفي ظل انفلات الأمور من سيطرة النظام ومعارضيه, والدخول فعلياً في فوضى الحرب الأهلية, ويترافق ذلك كله مع غياب إرادة دولية متماسكة وواضحة, تعمل على وقف  نزيف الدم بأي وسيلة, بدل التلهي بإدارة الأزمة, وتعداد أرقام القتلى يومياً.سيزور الإبراهيمي دمشق, فيما تتزايد أعمال اللجوء والهجرة من سوريا إلى المجهول, وتنهار الأبنية على رؤوس ساكنيها الأبرياء, وتأخذ عمليات الانشقاق منحىً تصاعدياً, رغم محاولات النظام التقليل من شأنها وأثرها, ويسعى المعارضون للأسد لتوحيد صفوفهم دون جدوى, وتولد على الأرض جيوش سورية جديدة بمسميات مختلفة, تتناسل منها كتائب " جهادية ", تحمل أسماءً موغلةً في التاريخ, كدلالة على نمط انتماء منتسبيها, وفي مدن وقرى سوريا تتوقف حياة أصحاب المهن الحرة, فيستهلكون مدخراتهم, دون أمل باستعادتها, ويخاطر المواطن العادي بروحه, إذ ينتقل من بيته إلى موقع عمله, ويترافق مع ذلك كله عدم الاهتمام برحلات الإبراهيمي المقبلة, لأن النتيجة معروفة سلفاً ومهمته مستحيلة, وليست شبه مستحيلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram