علي حسين إذن ليس علينا إلا أن نسمع ونطيع، فقد تصور الفريق فاروق الاعرجي مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة، أن اهالي بغداد مجموعة من السبايا والعبيد في مملكته، ليس مطلوبا منهم سوى الاستماع إلى تعليماته وتنفيذ ما يأمر به، وأن يقولوا له بصوت واحد: سمعاً وطاعة يا مولانا.. أعطنا يدك لنقبلها.
السيد الاعرجي لايريد ان يقتنع بأن تغيّرا قد حصل في العراق، وان تماثيل "قائد الحملة الإيمانية" قد أزالتها الدبابات الأميركية من الوجود، فهو مثل كثير من السياسيين والمسؤولين ينظرون الى العالم من خلال عقولهم الضيقة، يتحدثون عن الديمقراطية من على شاشات الفضائية، لكنهم في الخفاء يعيدون بناء جمهورية الاستبداد والخوف، يريدون أن يظل العراقيون مسلوبي الإرادة، يعيشون خائفين من الحكام، بالضبط مثلما كان يفعل جلاوزة صدام الذين أصروا على أن يجعلوا من الرعب زائرا مقيما لبيوت العراقيين.ما حدث خلال اليومين الماضيين يفضح مخططات الاعرجي ومن معه، ويثبت للجميع ان قادتنا الأمنيين لايضعون الخطط لحماية الناس، ولايسعون الى مطاردة الارهاب ومحاصرته، وانما خطتهم الاساسية تحويل بغداد بالذات الى امارة يحكمونها بصولجان الحشمة وسياط الاستبداد، يريدونها امارة شبيهة بإمارة طالبان، والا ماذا نسمي ماجرى تحت سمع وبصر الحكومة ومباركتها؟.. ما ذا نسمي صولة قوات الفريق فاروق الاعرجي على نوادي اجتماعية يرتادها المثقفون والفنانون؟ ماذا نسمي تحطيم جمعية اشور بانيبال الثقافية بالكامل وسرقة اموالها والاساءة الى رموزها الدينية؟ ماذا نسمي الفعل الذي قام به ضابط كبير أصر على تهشيم صورة الكاردينال عمانوئيل دلي، وبصق عليها امام مجموعة من المسيحيين المرتجفين خوفا من صولة الضابط الهمام. ودعوني اسأل الفريق الاعرجي ماذا سيقول عن هذا الفعل الإجرامي؟ وماذا سيقول للمسيحيين الذين تعرضوا للاهانة والتهديد بالقتل تحت هتافات "نحن تابعون لمكتب رئيس الوزراء ". ماذا سيجيب هذا المواطن العراقي المسيحي الذي قال لي بصوت يرتجف خوفا وهلعا: ان أحد ضباط صولة الاعرجي قال لهم وبالحرف الواحد: "شعدكم هنا متروحون يم اقاربكم بالسويد لو باستراليا " هكذا اذن قرر فرسان صولة فاروق الاعرجي ان لامكان للمسيحيين والايزيديين في العراق. كيف سمح لفاروق الاعرجي ان يمنح مثل هذه الصلاحيات والتي تعطيه الحق في أن يتدخل فيما لا يخصه؟ ليصدر قرارات لاهي قانونية، ولا لها أي وضع شرعي، مجرد اجتهادات فالجنرال الاعرجي يخرج ليحاسب خلق الله.. ويتتبع هذا.. ويدين ذاك.. ويتهم ثالثًا.. ويشتم رابعا.. ثم إذا ما اقترب أحد مما يجري في إمارته التي يديرها صرخ قائلا:"انتم حفنة فاسقين". لعل ما جرى من احداث خلال اليومين الماضيين يؤكد ان بعض القادة الامنيين يتجاوز الخطوط الحمر حين يشجع قواته وجنوده على إرهاب المسيحيين باسم الدين والفضيلة والاخلاق. لعل اغرب ما في قرارات مكتب رئيس الوزراء، هو محاولة تحريف الحقائق والقفز عليها، بحيث تبدو الأشياء من منظور اعضاء المكتب وحاشيتهم، نقية وبيضاء من غير سوء، وكل ما قيل عن الخراب الذي حل بالبلاد وسوء الخدمات هو هلاوس وضلالات تستبد بالمارقين والحاقدين ممن يرتادون النوادي، حتى وإن تكدست مئات التقارير عن فساد الاجهزة الامنية وعن صفقات الاسلحة الفاسدة والعقود المشبوهة التي تدر الملايين من الدولارات.ان حصر مشاكل العراقيين في مسألة النوادي والخمور بالذات انما هي لعبة يريد من خلالها البعض صرف الانتباه عن جوهر القضية. وهي اننا امام قادة امنيين فاشلين عاجزين، يستخدمون سلطاتهم في ارهاب الناس، لكنهم في الوقت نفسه يهربون من مواجهة القاعدة والارهابيين. مسيحيو بلادي، هجّرهم خطاب يومي منفر،مخيف، مقزز، غاضب، وثأري وازدرائي وكاره لكل ما حوله ومن قبله ومن بعده، لا يرى جمالا ولا خيرا ولا سعادة ولا حرية. ألم يقل المسيح وهو يريد أن يعطي أجمل وصفا لهذه البلاد، إنها "حضن إبراهيم".بلاد إبراهيم، تجرد من آخر مسيحييها عنوة، وبأوامر من "الملا" فاروق الاعرجي وتحت سمع وبصر المالكي!
العمود الثامن: فاروق الأعرجي يقرر: لا مكان للمسيحيين في العراق!!
نشر في: 5 سبتمبر, 2012: 09:57 م