عقيل هاشم الزبيديمن استعراض بعض المحطات في مسيرة الفنان وسيرته، نكتشف مدى اهتمام الفنان بتفاصيل الحياة اليومية وصخبها عبر تنقلاته، بدءاً من مشاهدات من الحياة وبينها الكثير من الموضوعات التي تتفاوت بين الجدية من حيث التعامل مع الحالات الإنسانية، وصولاً إلى حدود البصرية الجادة، والتي ترصد تفاصيل الوجه الآخر من الحياة.
إن تجربة الفنان الفنية لا تعرف السير على خطى مدرسة واحدة، والالتزام مع أسلوب واحد، ووحيد في الرسم، بقدر ما تتسم تجربته التشكيلية بالخصوبة والتطور، والاختلاف، والانتقال من أسلوب إلى أسلوب، وذلك بهدف تحقيق نوع من الإشباع الفني للذات، فضلا عن تقديم المتعة البصرية للمتلقي التي يبتغيها من حين لحين، موضحا أن الفنون التشكيلية لديه تطور في الرؤيا الفنية والتقنية، وتنوع أيضا في المواضيع والثيمات، انه بالنسبة له مغامرة جميلة، وسفر ممتع من هنا إلى هناك، بحثا عن الحقيقة التي يعتبرها سرابا في الفنون التشكيلية، ما دامت اللوحة التشكيلية تتجدد وتتطور، وتقدم دائما الاختلاف والغنى في المواضيع والأساليب.وقد شدد على أن تكون تجربته التشكيلية لها رؤى وغنى يشهد لها الكثير من المتتبعين والنقاد، كما لها أسلوب خاص به، لكنها تتميز بالتنوع، مما يعطي لأعماله، فيضا من الرموز، والميكانيزمات الإبداعية التي توحي أكثر مما تقول الحقيقية.إن الفنان يختزل همومه الفنية في شخوص يبدعها حسب مقاسه الفني، بدلالات سيميائية مختلفة، فهي تارة حزينة شاردة الذهن، وفي أحيان كثيرة تغرق في مشاهد تراجيدية تحكي قصص المعاناة، وتستعجل مواقيت العبور إلى ضفة الحلم من اجل تحقيق الحلم.هكذا هي أعماله، رؤية تجريدية مختلفة، لها الكثير من الحركة، إلى موضوع كوني اجتماعي.إنها بصمات فنية تبرز قيمة الإنسان بكل همومه ومشاكله وصراعاته مع الحياة والوجود، إن تجربته المتميزة ، تستنطق الحس الشعري في كل لوحة من لوحاته، لتكون اللوحة عنده رسماً بالكلمات، تقود المتلقي إلى عالم كله سحر، وانبهار.في أعماله يستشعر المتلقي، قدرة حقيقية على تحقيق الانسجام بين اللون وحركة الريشة من اجل الوصول إلى المعنى، دون إغفال ميكانيزمات المبنى، فيها يكتشف عالما من الصراع الوجودي لأجل البقاء.حساسية الخطوط ورمزية الألوان..إن في كل تجربة عرضاً للفنان ينقلنا وبمقدرة عالية من خلال خطوطه وتوهـّج ألوانه أن يجسّد في لوحاته دائماً تلك الحالة المتداخلة ما بين فضاء الحلم وبعض الواقع المتخيّل لرغبة في نقل التجربة إلى المتلقي بروعة وإدهاش في سردها البصري الذي يتداخل فيه الحقيقي بالمتخيل، كل ذلك من أجل تقديم حكايات تحمل في طياتها بساطة تحولت إلى فلسفة استطاعت أن تؤكد حضورها عبر الأجيال. في أقصى حالات التعبير عن جماليات الحدث وتفاصيله، ولعكسه بامتياز حالة الفانتازيا البصرية التي اعتاد الفنان أن يحقـّقها في معظم لوحات معارضه على اختلاف الموضوع - الإشكالي - دائماً لتناوله له من زواياه الحادة وإضاءته المركـّزة على الأجزاء المعتمة فيه دون أن يفقدها خصوصيتها، ومصعداً من خلال تلك الدراما في المشهد، محقـّقاً في آن متعة للعين وسَكناً للبصيرة، عبر رعشات ريشته المثقلة بالهموم والفائضة بالتعبير إلى حيث فضاءات الحلم والذاكرة والتخيّل مع المحافظة على روحانية الموضوع بفرادة أسلوبه المعتمد على حساسية الخط ورمزية اللون ودلالاته التعبيرية، ودائماً لخدمة القصد ومجموعة الأفكار التي يصيغها بمهارات عالية وأداء تصويري وغرافيكي مميّز من أجل مربعات مدهشة، مؤثـّرة وآسرة.غالباً ما نشاهد ما بقي من الأشياء في ذاكرة الفنان للمكان لحظة الرسم، وهو كما نلاحظ يهتم بالتفاصيل التي لا يراها مبرّرة بما تضيفه إلى المشهد المُغتني بما ضمّ من محتويات حميمة، مُظهراً باللون وما تبقى من أدوات تعبير ممكنة الأثر الإنساني للزمن في لوحاته، ومكتفياً بروحانية تلك المفردات والأشكال على الجدار الذي نراه ناهضاً في معظم أعماله متضمناً العديد من الإشارات و المؤثـّرات التي لا بدّ أن يعكس بعض حاجتنا لترميم ما افتقدناه من حب باتجاه بعضنا، ومستنهضاً مشاعرنا من خلال ما تركه الزمن على تلك الجدران من آثار طيبة بقيت في المكان.مثلما يساهم اللون بإبراز القيم التعبيرية في أعماله بشكل عام، يعتمد أيضاً للغاية نفسها ، والتي لا شكّ تستحق المشاهدة المتأمّلة - لتميّز التجربة وتفرّدها على صعيد الصياغة والأداء التقني في جانب آخر من تجاربه .لقد أخلص الفنان لموضوع (البورتريه) الذي عالجه بحسّ تعبيري عالٍ وتقشّف لوني، مع توزّيع مدروس للإضاءة على سطح تصويري مشغول بعناية وحب وحساسية مرهفة، وهذه من أهم الخصائص التي جعلت من تجربة الفنان لها شخصية مستقلة ومميّزة، بشكل تعكس فيه أي لوحة حساسية الفنان وحالة الصدق التي تظهر في أي جزء منها بوضوح، حتـّى لتشبه شخوصه بصمْـتِها وتأمّلها مزايا شخصيته وخصوصية طبائعها.إن تركيز الفنان على اللون الأزرق والاوكر في لوحاته يأتي لغاية تقنية وتشكيلية معاً، فهو يصعّد من القيمة التعبيرية لكل من الرمادي والبني والدرجات اللونية لكل منهما، حيث يوليهما الفنان أهمية خاصة في صياغات شخوصه التي غالباً ما تحتل مركز المشهد ومعظم المساحة في معظم لوحاته، وللاستفادة أيضاً من رمزية اللون الأزرق لإضفاء م
لوحات كاظم إبراهيم تستنطق الحس الشعري
نشر في: 7 سبتمبر, 2012: 06:28 م