اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > السلطة ومنهج العمل الإعلامي

السلطة ومنهج العمل الإعلامي

نشر في: 7 سبتمبر, 2012: 07:03 م

علي حسين عبيدالنشاط الإعلامي يتطلب منهجاً يتسق مع ما يعيشه العراق الراهن، من أجواء مختلفة عن الماضي، إذ يتدخل الإعلام في مختلف أنواع الصراعات، لاسيما بين الدول، لكنْ ثمة صراع دائم وقائم، بين الفرد الموجود - خارج السلطة- وبين السلطة التي تضع الدستور خلف ظهرها،
فما هو دور الإعلام في إدارة هذا الصراع، ولماذا يشكل الإعلام في الحكومات اللادستورية، وسيلة ضغط عليها ومصدر قلق كبير لها، فضلا عن تأثيره الكبير في إدارة شؤون الدولة حتى لو كانت تتمتع بنظام حكم ديمقراطي ؟ من الواضح أن السلطة التنفيذية التي تدير شؤون الناس، تكون في الغالب صاحبة صلاحيات كبيرة جدا، وقد تستخدم هذه الصلاحيات بطرق خاطئة، ما يؤدي بالنتيجة إلى الانحراف، والفساد، والتجاوز على الحريات الفردية وما شابه، ناهيك عن حالات التجاوز على الحقوق المادية، والاعتبارية، للفرد والجماعة معا، لذا يتجسد دور الإعلام هنا في وضع الحقائق تحت الضوء، بمعنى أن الحكومة لاتستطيع أن تعمل في الخفاء، ولا ينبغي لها ذلك، وسلطة الإعلام هنا تدفع به لفضح الأخطاء التي ترتكبها السلطة التنفيذية بحق الشعب، وكما هو متعارف، فإن الحكومات التي تضع الدستور كخيال مآتة، ولا تعمل به إلا من حيث كونه حاجة كمالية تزيّن بها شكلها أمام العالم.هذه الحكومات تصنع إعلامها الذي تريده بنفسها، وإعلام من هذا النوع هو إعلام حكومي، تموله الحكومة كليا، لكي تضمن استمالته الكلية إلى جانبها، لكن المشكلة أن المال المموِّل للإعلام الحكومي، هو مال عام وليس من جيب الحاكم، أو خزائن حكومته، إنه مال الشعب، ولهذا ينبغي أن يكون إعلاما شعبيا يقف إلى جانب الشعب قبل الحاكم، لكن ما يحدث في الحكومات الدكتاتورية عكس ذلك تماما، حيث يصبح الإعلام الحكومي بوقا باسم الحكومة، وعامل تلميع دائم لصورتها، أما من يتصرف خلاف هذا التوجه، فهو عنصر غير مرغوب به، وتكون حصته واضحة تتراوح بين (التهميش والإقصاء والقتل أحيانا إذا تطلب الأمر ذلك).إن تجربتنا في العراق بين الإعلام والحكومة، لاتزال تتذبذب صعودا، ونزولا، فنحن من جهة، نبني تجربة سياسية ديمقراطية ناشئة، مع ملاحظة أن الأمر قد يتطلب زمنا أكثر من المتوقع، ومن جهة أخرى، تتطلب الديمقراطية في ابسط صورها، حضورا فاعلا للإعلام الحر. بمعنى ثمة تقاطع تام بين الديمقراطية، وبين الإعلام المسيّس حكوميا، ولو حدث شيء من هذا القبيل، فإن تجربتنا ستقع في فخ الإعلام الحكومي الموجّه، تبدأ بوادر تسييس الإعلام ودمجه بصوت الحكومة، بخطوات قد لا تجلب الانتباه، وقد لا تثير لغطا، أو ردود أفعال قوية، كونها ليست ذات تأثير قوي، أو واضح في الساحة السياسية وغيرها، (ودائما تبدأ الحرائق الكبيرة بشرارة صغيرة كما يُقال)، فالخطوة الصغيرة في هذا الاتجاه، ستنمو وتتكاثر، لتصبح منهجا يُعمل به، بغض النظر عن مساوئه، بكلمة أوضح، يجب أن لا تخطئ تجربتنا السياسية والقائمون عليها، فيجعلون من الإعلام تابعا ومهمشا وضعيفا، لأن ضعف الإعلام وتهميشه، وسحبه إلى حافة الصوت الحكومي، هو مؤشر دقيق على سيطرة الحكومة التنفيذية على السلطات الأخرى. وهذا ما يشكل فشلا ذريعا لتجربة العراق السياسية، بل يشكل رجوعا خطرا إلى المربع الأول، حيث الدكتاتورية، والشمولية، والنهج الأحادي يسيطر على الحياة برمتها، لهذا لاينبغي للحكومة أن تتقرّب من أسلوب الرقابة، والرصد، في التعامل مع الإعلام، ولا ينبغي لها استخدام منهج الغلق، والمصادرة وما شابه، إلا في حدود القانون بما نص عليه الدستور في هذا الصدد، فلم تعد السلطة التنفيذية، هي السيد الأعلى، ولا هي القائد الأوحد في البلاد، بل هي مؤسسة ذات طابع وظيفي، مكوّنة من مجموعة من الموظفين، يقودهم (رئيس الوزراء)، ويقدمون خدماتهم الوظيفية مقابل أجور معروفة، ومحددة، يتقاضونها كالموظفين الآخرين، نتيجة لخدماتهم المقدمة للشعب.أما أن تتحول هذه المؤسسة (السلطة التنفيذية)، إلى مرجع تشريعي، وتنفيذي، وقضائي في الوقت نفسه، فهذا يعني أننا قتلنا تجربتنا بأيدينا، وهذا ما لا يجب أن نسمح به كعراقيين، وذلك بتعاون الجميع من أجل بناء الدولة الدستورية التي نحلم بها منذ قرون وعقود قاهرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram